لا ننسى الدور المصرى الرائع فى تفاوضه مع
إسرائيل و اتجاهه نحو التحكيم الدولى بكتيبة من القانونيين المحنكين الذين اعتمدوا
على الحجج و الوثائق من أجل إرجاع طابا لمصر و على رأس هذه الكتيبة الدكتور مفيد
شهاب وزير الشئون القانونية و المجالس النيابية الذى خرج علينا بتأكيده أن "الوزراء
النواب" تجسيد للتعاون بين السلطات.
و وفقا للمنشور فى جريدة الشروق يوم الجمعة
12 نوفمبر 2010 فمعالى الوزير يرى أن السماح للنواب بلاشتراك فى المناصب الوزارية
هو أحد صور التعاون بين السلطات حيث يستطيع الوزراء توضيح وجهة نظر الحكومة
للبرلمان و توصيل وجهة نظر البرلمان للحكومة.
أى بصريح العبارة فإن النائب الوزير سيكون
همزة الوصل بين الحكومة و البرلمان.
و لكن لماذا نفترض أن تعيين النائب وزير أو
ترشيح الوزير نائب سيكون بمثابة أداة للتعاون؟
أليس من المفترض أن يكون الفصل بين السلطات
هو الأنسب؟
و هذا حتى يؤدى كل صاحب دور اختصاصه على
أكمل وجه.
فمن المعروف أن البرلمان له الحق فى
استجواب رئيس الوزراء و وزراءه و توجيه الأسئلة لهم بشأن ما تقدمه الحكومة و بالتالى
فمن حق الوزير أن يقدم رده على ما يثار حوله و ليس الموضوع بحاجة إلى وجود نائب
يحمل صفة العمل المزدوج كعضو فى البرلمان و كوزير فى الحكومة.
و الدكتور مفيد شهاب من خلال منصبه يستطيع
أن يمثل حلقة التعاون بين البرلمان و الحكومة.
فهو يتولى منصب وزير الشئون القانونية و
المجالس النيابية فيمكنه وقتها أن يصل لهذا التوازن بين السلطات.
و لنتخيل مثلا أن هناك استجوابا حول أداء
وزارة من الوزارات فهل سيتقدم النائب الذى يشغل منصب الوزير بهذا الاستجواب ضد
وزارته أم أن الوزير سيتغاضى عن مثل هذه الأمور؟
بالطبع لن يكون الوزير ضد قراراته و هنا
ستتعطل وظيفته البرلمانية أمام كل ما يخص وزارته و لكن سيستمر أداؤه البرلمانى
بعيدا عن كل ما يخص الوزارة التى يتولاها و قريبا من اى أعمال أخرى لا تخص منصبه
الوزارى.
أراك الآن تعيد القراءة و تتحدث عن
"اللخبطة" التى قدمتها لك، فما بالك عندما يكون العضو وزيرا و نائبا فى
البرلمان، فوقتها سيصبح كما قال المتنبى : الخصم و الحكم.
و من نظرة أخرى فإن سيداة الوزير الذى يفكر
فى ترشيح نفسه للبرلمان سيمتلك دعاية جيدة بحكم منصبه و اعلم جيدا أننا نتمتع
بالشفافية التى تمنع الخلط بين شخص الوزير و استثمار نفوذه للدعاية لنفسه.
و هذا إن كانت الشفافية موجودة فإن الناس
لديهم الحق فى الاختيار.
و السؤال هنا : هل كل وزير مرشح لعضوية
البرلمان يخسر الانتخابات؟
و لأن ذاكرتى لا تسعفنى الآن بالبحث عن
الوزراء الذين ترشحوا من قبل إلا أننى سأفترض نجاح جميع الوزراء و هذا معناه وفقا
للافتراض أن المواطن العادى الذى يرشح نفسه ضد السيد الوزير سيكون فاقدا لمقعد
البرلمان و يعتبر على هذا الافتراض أن
معالى الوزير يفوز بالتزكية رغم إجراء الانتخابات و التصويت بكل نزاهة و شفافية.
و لأن الشفافية ليست كلها تؤدى إلى الحقائق
فإن الأمر يرتبط هنا بفكرة نجاح الوزير فى الحصول على مقعد المجلس الموقر و هذا
ينفى كل السخط و الضيق و الاعتراض الذى يقدمه عامة الناس ضد الحكومة.
فلو افترضنا للوزير النجاح فبالتالى الذين
انتخبوه يحبون الحكومة، فالمكروه مرفوض و بنجاحه يكون بالمنطق مقبولا إلا إذا كان
النجاح لشخصه فقط دون حكومته.
و بالتالى فإذا ضمنت الحكومة ترشيح الوزراء
فى البرلمان و نجاحهم فحرصا منها على تحقيق التعاون بين السلطات يفضل أن تقوم بترشيح
كل وزارءها حتى تصبح الصورة واضحة و الحكومة قادرة على التعبير عن نفسها داخل
المجلس.
و هنا يجب طالما كانت هناك شفافية أن
نتغاضى عن فكرة "صاحب بالين كداب" و لو أن هذه المقولة صحيحة و تؤكد
فكرة التعاون بين السلطات إذا كان الوزير نائبا.
تسألنى لماذا؟
لأن الوزير النائب سيعمل على توضيح وجهة
نظر الحكومة للبرلمان و العكس.
إذن فهو يرتبط بالحكومة و يؤدى واجبه و لم
يفقد باله عند العمل فى البرلمان كنائب عن الشعب أن يكون عمله لصالح الحكومة و هذا
دليل على رضاءه بالبال الواحد و لم يصبح مهتما ببالين.
و خير هدية للوزير بعد خروجه من الوزارة أن
يكون نائبا فى البرلمان حتى يظل موجودا على الساحة لا يختفى من السماء كالبدر فى
نهاية الشهر، أما إذا اكمل المسيرة فلا مانع ان يكون باله للحكومة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق