2010/08/30

كحكة بسكر


يجرى شهر رمضان مسرعا ببركاته مطبقا لمبدأ الأيام الحلوة تنتهي سريعا، و يشتاق إليه الصائم منتظرا تشريفه العام القادم قائلا:اللهم بلغنا رمضان.

و رغم هذه النفحات الإيمانية التى يتسابق عليها الناس سواء فى بداية الشهر و الزحام على أخره فى المساجد أو فى وسط الشهر سعيا وراء المغفرة و ختاما لأيامه العشر الأخيرة رغبة فى العتق من النار و كل يسعى للفوز برضا الله.

و رضا صاحبنا موظف غلبان يسعى أيضا للربح برضا الله و كغيره أيضا يسعى لإسعاد أولاده و زوجته التى قررت فى هذا اليوم الرمضاني شديد الحرارة أن تنتهي من طعامها قبل مجيء سى رضا.

و بالطبع تتساءل لماذا تريد أن تفرغ من تجهيز طعامها قبل حلول رضا؟
بسيطة يا سيدي كل سنة و أنت طيب و السنة الجاية نشوفك فى أحسن حال و العيد ع الأبواب و طبعا اللمة ما تحلاش فى العيد غير بالكحك و البسكويت.

كانت الكلمات السابقة خارجة من فم صاحبة المعالي مدام رضا التى استقبلت زوجها بالترحاب ثم رمته بهذه الطلبات المغلفة بالتهاني.

و يبدو أن رضا أصابته حالة الخرس الزوجي، فالرجل قبل الزواج يتحدث و يتحدث مع محبوبته إلى أن يأتى الزواج فيخرج عن الكلام و يرتدى حلة-( بكسر الحاء)-بهية من الصمت.

لم يدب اليـأس نفس مدام رضا التي قررت أن تجهز المائدة السعيدة بكافة الأصناف التى يحبها سى رضا.

و انطلق مدفع الإفطار و جلس الكتاكيت من أبناء رضا و هم فرحين لا بسبب لمة الفطار و لكن لأن هناك طبقا من اللحم سينزلون عليه عما قليل.
تناول رضا بعضا من البلح و قرر صلاة المغرب ثم يعود لتناول فطوره.
-يا ترى قلت إيه فى موضوع الكحك؟
يبلع رضا ما يمضغه من طعام ثم ينظر لزوجته قائلا:عنيا حاضر.
فرحت الزوجة التى اندهشت أيضا من استجابة الزوج سريعا،الأمر الذى وفر عليها الدخول فى مفاوضات و مباحثات مباشرة من اجل الموافقة على مطالبها بشراء الكحك و يبدو كما كانت تمتم مدام رضا فى سرها:أن مزاج رضا رايق و بالتالى ما المانع فى أن تتضمن طلباتها عباءة و ملابس جديدة للكتاكيت.

و ما أن سمع رضا بهذه الطلبات تعثر الطعام الذى يمضغه داخل فمه و أحمر وجهه و أنقذه كتكوته الصغير على المائدة بكوب من الماء.
يبدو أن البهجة مكلفة بعض الشيء.
فرضا بجنيهاته القليلة لا يعرف ماذا يفعل؟

يصرف كبقية الناس فى رمضان على وجبة واحدة فى هذا الشهر الكريم لكنها تكلفه شىء و شويات أضف لهذا بند العزومات و الحلويات هذا على بنود جديدة عرضتها الزوجة المصون من كحك و ملابس جديدة.

-و يا ترى الكحك عايزاه جاهز و لا هتعمليه بايديكى؟
-طبعا جاهز يا ابو مرزوق-(اسم واحد من الكتاكيت)-هو احنا لسه هنعمل؟
-طبعا هيتكلف بقى؟
و ترد الزوجة بصوت ناعم مؤكدة أن الكحك سيأخذ مالا كثيرا و مبررها أن كل شيء أصبح له ثمن و غال و لا يقدر على شرائه سوى أصحاب المال.
-طيب أنا مش من أصحاب الأموال.
يرد رضا و يدب ملعقته على المائدة و يبدو أن رضاه الذى أظهره فى البداية أصبح كأن لم يكن.
-ليه يا حبيبى ده انت موظف قد الدنيا.
-و انتى عارفة إن مرتبى ع القد و بنقول يا رب سترك و يعدى الشهر على خير.

تمصمص مدام رضا شفتيها معلنة استيائها من كلامه ثم تستعد للانتقال من سياسة جر ناعم إلى الخط الحربى.

-ما انت لو تعمل زى صاحبك خميس ما كانش ده حالك.

و لك أن تعرف خميس فهو دفعة رضا فى التعيين إلا انه الآن يركب سيارة و الحالة مزهزهة معاه و قريبا جدا كما تقول مدام خميس لمدام رضا بإن المدعو خميس سيشترى أرضا و يبنى علها بيتا.

-بس انتى عارفة انى عمرى ما همشى فى سكة خميس.
-ليه يعنى؟
-عشان حرام.
-حرام ليه؟
-عشان بياخد رشوة.

و هنا صاحت الزوجة و أعلنت استنكارها فخميس لا يأخذ رشوة إنها ترى أن ما يأخذه مجرد نفحة يستحقها لأنه يسهل إجراءات العمل للمواطنين و ينقذهم من الطوابير و الروتين المعقد الذى لا ينتهى.

و تضيف مدام رضا المصون لفلسفتها أن الموظف معروف من يومه و على مر الزمن أنه غلبان و بالتالى تجوز عليه الصدقة و طالما أنه ينهى لكل فرد عمله و على أسرع إنجاز فهو يستحق المقابل بجانب مرتبه.

و طبعا تتدخل الكتاكيت فى الحديث فنطق المفعوص "مرزوق" ننوس عين امه قائلا:و الله ماما عندها حق.

وبدأت الأنظار تتجه لهذا البطل الجديد الذى يخطف خشبة المائدة -أقصد المسرح – بكلامه و يكرر بصوت مسرسع:ماما عندها حق.
و لأن رضا رباهم على الديمقراطية فسأله:ليه.

فجلس المفعوص ساندا رأسه إلى الكرسي و كأنه فى ندوة ثقافية قائلا:
يا بابا الموضوع بسيط..أنت لو قعدت على مطعم مش هتدى الجرسون بقشيش؟


فأجاب رضا بالإيجاب ثم أكمل مرزوق قائلا:يبقى خلاص زيك زيه..أنت بتاخد مرتب و هو كمان و أنت تاخد عمولتك دى زى البقشيش تمام.

هنا طارت الملعقة فى وجه ننوس عين أمه مرزوق لكن اسم النبي حارسه و صاينه تفاداها و لا بوش و هو يتفادى حذاء الزيدى.

إذا كان هذا هو حالك و تشعر أن المال فى يدك ليس بالكثير لكنك مضطر بحكم العادة و العرف بشراء الكحك و الملابس و كل ما تعودت عليه و أنا معك فى ان هذه بهجة لابد منها.

و لن ألومك يا سيدي فمن منا لا يريد ان يدخل البهجة على قلوب أهل بيته؟

لكن البهجة التي تريد صناعتها لا فائدة منها فذا كانت مدعمة بنقود جمعية أو اقتراض النقود من أقرب الناس إليك فكما تعرف السلف تلف و الرد خسارة و إذا رزقك الله من وسع فأفعل ما شئت و اشترى للحبايب ما تريد لكن بعقل و بروية بعيدة عن السفه.

و يا سلام يا اخى تجد الناس مشمئزة و عليها حزن شديد إذا اتاهم الأبناء بكحك فى شهادتهم و رغم هذه العدواة مع هذه الدوائر الحمراء إلا أن سحابة العداوة تنقشع مع كحكة بسكر محشوة بالعجمية اللذيذة.

إذن نحن نتعامل بمبدأ أحبك..أكرهك مع الكحك.
 و لك أنت تعرف ان رضا قرر شراء الكحك حتى تفرح العيال و ينجو من حماته المفترية خاصة و ان العيد يصادف يوم عيد زواجه ففضل أن يسير على طريق عصفورن بحجر واحد و كل سنة و انت طيب و لا تنسانى بكحكة.

عندليب الصحافة





·     إنني أستطيع أن أعطيك قلبي.. فأصبح عاشقا. أعطيك طعامي.. فأصبح جائعا. أعطيك ثروتي. فأصبح فقيرا. أعطيك عمري.. فأصبح ذكرى. و لكنى لا أستطيع أن أعطيك حريتي. إن حريتي هي دمائي، هى عقلى ، هي خبز حياتي . إنني لو أعطيتك إياها فإنني أصبح قطيعا شيئا له ماض و لكن ليس أمامه مستقبل/ كتاب أفكار ضد الرصاص.


·      يندهش المرء كثيرا-فالكاتب لا يساوى شيئا إذا لم يندهش-كيف يطاوعه القلم فى كتابة مقال منتظم ليتم نشره فى موعد محدد سلفا..ثم يعصيه القلم تماما فى الكتابة عن حدث مفاجىء يهز النفس هزا؟/ كتاب من وجع القلب.

·       إن أعظم لحظات الحياة فى مجتمعنا لا تأتى للذين ينتظرونها و لا الذين يستحقونها، وإنما تأتى-فقط-للذين يتصادف وجودهم فى طريقها فلتفهموا أيها الشباب..قبل أن تطلقوا الإشاعات/كتاب شخصيات.

·       إن الطمأنينة مطلوبة-طبعا- و الفخر ضروري..حقا.. و لكن بشرط ألا تكون طمأنينة وهمية أو فخر كاذبا/كتاب ممنوع من التداول.

·       من يصبح حرا مرة..يظل حرا طوال العمر/كتاب متمردون لوجه الله.

·       الناس ليسوا أبدا بمثل ما يبدون عليه فى السطح، إنهم أيضا ليسوا-حتى- ما يبدون عليه تحت المستوى الأول للسطح.لا.لا.لا.لقد اصبح كل إنسان فى هذه الأيام يمارس حياته ثلاثة مستويات.أو حتى على أربعة مستويات.أن نفسه الحقيقية، طباعه الحقيقية موجودة فى المستوى الثالث وربما فى المستوى الرابع.موجودة فى القاع بعيدا عن السطح.وفيما بين القاع و السطح..فكل إنسان يضع على نفسه الحقيقية طبقات و طبقات من المساحيق و المكياج التي يغطى بها لون جلده الحقيقى./كتاب سياحة غرامية.

·       إذا كنا قد عجزنا عن ان نكون اسود الغابة فهل حكم علينا ان نكون فئرانها ؟!/كتاب وعليكم السلام.

هذه الكلمات مكتوبة بقلم الكاتب الراحل محمود عوض الذى أطلق عليه الأديب الكبير إحسان عبد القدوس لقب "عندليب الصحافة".

محمود عوض(مع حفظ الألقاب) رحل عن عالمنا فى 30 أغسطس 2009 مرت ذكرى وفاته سريعا لكن جسده رحل عنا بينما بقيت أعماله و كتاباته تعيش بيننا.

محمود عوض الذى قد لا يعرفه أحد، عمل بالصحافة المصرية في صحيفة أخبار اليوم حتى وصل لمنصب نائب رئيس التحرير و كان يكتب من اجل القارىء و لا يسعى سوى لإرضاء القارىء بأسلوب يجعلك تعيد قراءة ما يكتبه و إعادة النظر لسطوره مرة أخرى كي تطرب بمعانيه و كلماته و تشبيهاته.

يسبح بك فى مقالاته و كتبه بحجة و منطق بأسلوب قائم على البحث و إلاطلاع سعيا وراء الحقيقة و أملا في خروج القارىء بما ينفعه.

رحم الله أستاذي محمود عوض الذى كنت أتمنى أن أقابله و استفيد منه لكن عزائى الوحيد ان شخصيته موجودة فى كتبه التى أتمنى أن تشرع فى قراءتها كتلك الكتب التى ذكرتها لك بالأعلى و أضف إليها "مصري بمليون دولار" و "بالعربى الجريح" و آخر كتبه "اليوم السابع" الذى وضعه للناس لكن الموت أخذ صاحب الكتاب قبل أن يطبع.

 و لا تنسى البحث عن روايته"أرجوك لا تفهمنى بسرعة" التى لخص فيها حال الشباب.

و مع كل مؤلفاته أنت كسبان خاصة إذا عرفت أنه تخصص بكتاباته فى الشأن الاسرائيلى ككتب "وعليكم السلام" و "الحرب الرابعة-سرى جدا" و "أفكار إسرائيلية" و "ممنوع من التداول" بمنهج يعتمد على إظهار عدوك بصورته و قوته و ضعفه و كل ما يخصه بشكل حقيقي و لا يخدعك بأنك أقوى منه بل إنه يشخص الداء و يقدم لك الدواء كجراح ماهر يعرف مكان الألم فيستأصل الخبيث منه و يبقى الطيب.

رحم الله محمود عوض الذى عاش يقرأ و يقرأ فى شتى المجالات و كان يرى أن الكتابة عن مجتمع ما تقتضى الإلمام بكل جوانبه من سياساته و اقتصاده و ثقافته و فنونه بل و حتى أغانيه فالأغاني كما يقول تبين لك المزاج العام لهذا المجتمع.

إنه يقرأ من اجل كتابة واعية تعتمد على الدقة لا الهراء.

و لا ننسى أن نختم بمعشوق محمود عوض المتمثل فى قلمه مهما كانت الآلام التى سببها لكاتبنا الراحل لدرجة انه يشير إليه فى إهداء كتابه شخصيات قائلا:
إلى القلم الذى أحببته و دفعت ثمنه مبكرا!!

2010/08/27

يا لوحتى


لأننا فى شهر رمضان و كل عام و انتم بخير لكن يبدو ان ما يحدث حولنا ليس خيرا فقد سرقت زهرة الخشاش أو لنقل لوحة الفنان العالمى فان جوخ التى تدعى زهرة الخشخاش التى اشتراها الرجل المحترم رحمه الله محمود خليل ليضعها فى متحفه.

هذه اللوحة التى سرقت تقدر قيمتها بـ55 مليون دولار بينما كانت قيمتها عندما اشتراها محمود خليل تصل إلى 40 جنيها استرلينيا.

و طبعا لأننا نتحرك بعد خراب مالطة و خروج القطار عن القضبان و غرق المراكب فى النيل و المعديات و العبارات فى البحار فقد قررنا أن نهتم بكافة الاجراءات التأمينية و الأمنية للحفاظ على ما بقى من تراث لدينا.

و يبدو أن الفقرى فقرى من يومه فالفنان العالمي فان جوخ عاش حياة مأساوية رغم لوحاته التى تقدر بالملايين لكن يبدو أن الإنسان نهتم به بعد مماته و لا نقدر فنه إلا عندما يصل للرفيق الأعلى.

اعتقد انك ستقول لى هذا حقيقى و لكنه يحدث عندنا فقط أم هم فيقدرون الحيوان قبل الإنسان لكن عندنا..... .
حيلك يا أخى احنا فى رمضان نسيت و لا إيه؟

ما علينا صديقنا فان جوخ مات منتحرا على سن السابعة و الثلاثين و تجمع الكتابات عليه بأنه شخصية مهزوزة رغم رغد العيش المعروفة به دول مثل هولندا بلده.

هذه الشخصية المهزوزة أدت إلى قيامه بتقطيع أذنه و تقديمها هدية لمحبوبته.

شوف الوفاء والحب أظن الواحد لو واحدة طلبت منه فستان ولا حاجة يروح مديها طناش.

و مع كامل احترامى و تقديرى لعم جوخ فلو كنت موجودا ساعتها كنت قلت له عيب و كخ و الورد أحلى هدية من ودانك.

فالأذن موجودة لتسمع رغى السيدات و احمد الله أن لنا أذنين و إلا كنا ذهبنا فى خبر كان.

و نعود لحكايتنا مع المنحوس فان جوخ الذى جلس تحت شجرة و قرر أن ينهى حياته بطلقة رصاصة فى رأسه.

لكنه أبى أن يرحل دون كشف سر موته حتى لا يحتاس إخواننا فى هولندا حيث ترك رسالة لأخيه جاء فيها:"جازفت بحياتي فى سبيل الفن و من اجله أوشكت افقد رشدي".

و طبعا لا نعرف من رشدى لكن الأهم أن الفنان كانت عندنا لوحته الشهيرة زهرة الخشخاش فى متحف الراحل محمود خليل لكن الزهرة أقصد اللوحة سرقت عام 1978 و هاجت الدنيا و ماجت و نادى الكل بضرورة التأمين و حماية تراثنا الفنى و الأدبى من آثار و رسومات...الخ.

 ثم ظهرت اللوحة عام 1980 ولا يعرف احد من سرقها و من أخذها فى هذا الوقت.
و بالطبع ربما تكون اللوحة اختفت فى عهود الانفتاح مع وجود شركة معسل أرادت أن تغرق السوق بصنف جديد مستوحى من هذه اللوحة الكريمة ربما تكون كلماتي خيالا لكن ما يدرى؟

و حتى ان نتحرى من دقة هذه المعلومة فأننا حمدنا الله و الناس نامت مرتاحة بعد ما لوحة الخشخاش رجعت لينا.

و من يدرى ربما كانت هناك ازمة حشيش دعت إلى سرقة اللوحة من ناس صحابات مزاج ثم اعادوها عندما أخذوا غرضهم.

و تجرى الأيام و نذهب لعام 2010 و بالتحديد فى 21 أغسطس الموافق لشهر رمضان مبارك حيث اكتشف السادة مسئولى متحف محمود خليل أن اللوحة سرقت مرة اخرى.
و هاجت الدنيا و ماجت برضه و اكتشفوا أ المتحف بلا تأمين و كاميرات مراقبة هى بالحق موجودة لكنها معطلة..(عيب الواحد يقول كلام و يظلم حد خصوصا و احنا فى رمضان) الكاميرات و أجهزة الإنذار موجودة لكنها مأنتخة لا تعمل.

و يا ترى يا هل ترى من سيتحمل المسئولية عن ضياع اللوحة هل الصغار أم الكبار؟
مؤكد أن للمتاحف أمن و حراسة و لكن هل كان كل من فى المتحف ضاعوا فى غفلة من الزمن و لم يلحظوا أن اللوحة سرقت؟

لوحة طويلة عريضة مزقت من البرواز و لم يأخذ اى نفر يوحد ربنا باله؟
هل دخل المسئولون عن المتحف فى حالة من السطل نتيجة الخشخاش الموجود باللوحة؟

و هل اللوحة سرقت نتيجة الإهمال أم لأننا فى شهر رمضان.

واحد يسأل و يقول مالنا برمضان..أقولك يا سيدى يمكن حد قال حرام يبقى الحرام موجود طول الشهر عينى عينك و بالتالى بناء على كلامه يبقى اللى أخد اللوحة واحد شايف إن الحشيش حرام و معاه حق مش اللوحة اسمها زهرة الخشخاش.

بتضحك و لا بتبكى و لا زهقت؟
ممكن تضحك على حالنا و تقول لسه فى أمل.

و ممكن تبكى لأننا بنقدَّر الكنوز لكننا نسير كما قالت جدتى فى مثلها الشهير:بيت المهمل يخرب قبل بيت الظالم.

و ممكن تكون زهقت منى و نغصت عليك حياتك، و الكلام مش عاجبك.
معلش يا سيدى حقك عليا سأوجه حديثى إلى روح صديقنا فان جوخ الذى من المؤكد لو كان موجود لكان قال بالعربى:كخ عيب اللى بتعملوه ده.

و كان ممكن يضيف اتقوا ربنا فينا دي لوحة طلع عيني فيها على ما رسمتها.
و أنا ممكن استسمحه و أقولهم:خنقتونا.

إهمال فى كل شيء، كهرباء و مياه و صناعة و صرف صحى و أراضى و علاج و صحة و تعليم و... و.... و حاجات لا تعد و لا تحصى.
و عارف إن البلد فيها حاجة حلوة خصوصا إننا فى أيام مفترجة لكن عيب يعنى اللوحة تتسرق و وزير ثقافتنا يوافق كما نشرت الأخبار يوم26/8/2010 على تطوير متحف(محمد محمود خليل) و رصد 29.9 مليون جنيه للمشروع و لكن محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية لم ينفذ.

و لنفترض أنه لم ينفذ أين المتابعة..أليس من المفترض ان بتابع كل مسئول رعيته؟

و بما أننا فى رمضان نتذكر حادثة عمر بن الخطاب -(مع حفظ الألقاب)- الذى يقول "والله لو تعثرت بغلة في العراق لسألني الله عنها يوم القيامة".
أظن مفيش احلى من كلام سيدنا عمر الذى كان رمزا لنزاهة الحكم التي نحتاج لها فى كل العصور.


إنه رجل للسياسة لا يعرف السقوط الأخلاقي لكنه يسير على درب الأمانة و الصدق مؤكدا على مبدأ "القواعد تحترم إذا كان أول من يخضع لها هم الذين وضعوها".

رحم الله سيدنا عمر بن الخطاب و يرحمنا الله الذى اتمنى ألا يحاسبنا بما فعل السفهاء منا و ان تأتى إفاقة للمسئولين المحترمين خاصة و أن اللوحة "بح" و لا مجل "للسطل" فى غيابها.

 و كان الله فى عون فان جوخ الذى اعتقد أنه فى ظل شخصيته المهزوزة حبتين لكان ذهب إلى المتسببين فى ضياع لوحته و طخهم عيارين قبل أن يصرخ قائلا:يا لوحتى..ثم يقرر ان ينهى حياته مرة ثانية .

2010/08/26

اليوم السابع | معتز نادى يكتب: العرض انتهى

كل عام و انتم

ربنا يكرمك و يكرمنا و تبقى من أصحاب المناطق الدافئة التي تعتمد على أرقام خرافية لا يصل إليها سوى عدد محدود من المصريين.

و مناسبة هذا الكلام أننا فى شهر المسلسلات أقصد النفحات و قد وصل إجمالي تكلفة إنتاج المسلسلات لعام 2010 بحسب المواقع الالكترونية و الإخبارية و المنتديات إلى 750 مليون جنيه مصري و اللهم أعلم السنين الجاية يوصلوا كام.

"اللهم لا حسد"..هذا تعليقى أما تعليق عديد من الناس فى المواقع الالكترونية على هذا الرقم بأنه كان كافيا لمساعدة القراء و توفير العديد من فرص العمل و الشقق السكنية و غيرها من أحلام البسطاء.

ما علينا تخيل أننى ذهبت لإجراء الكشف الطبى على عيوني بعد شهر رمضان و طبعا ستسألنى ما علاقة المسلسلات بعيونك يا أخي.. هو أنت غاوي تتعبنا معاك؟

معلش يا سيدى و لا تزعل.. أصل الحكاية اننى ارتدى نظارة و أنا فى الثانية من عمرى (أمد الله فيه بالصحة و العافية) يا ريت تقول أمين.

بالتالي فانا مضطر كل ستة أشهر أن اكشف على عيوني حتى أغير مقاس عدسات نظارتي شافاك الله و عافاك.

و ذهبت للطبيب و وجدت العيادة مليئة على الأخر.. شباب و كبار ..نساء و أطفال و على كل شكل و لون لدرجة أن التمرجى المحترم أخبرني أننى لن أستطيع الكشف إلا بعد شهرين فالحجز كومبليت.
"يا نهار ابيض..شهرين ليه يعنى؟".

هكذا كانت كلماتى ترد على أخينا التمرجى فأخبرنى أن الدنيا من كام يوم كانت رمضان و كل سنة و أنت طيب و كلام غريب مالوش مثيل ما أقدرش أقول حاجة عنه.

و بالفعل اتجهت إلى طبيب آخر طالما الأمل ضاع فى أن اكشف هذا اليوم او حتى هذا الأسبوع لكن شهرين..كتير و الله.

و ما أن دخلت للعمارة التي تتواجد فيها عيادة طبيبنا المبجل حتى وجدت زحام من الناس أمام باب الأسانسير ليس للصعود فيه و لكن للجلوس امامه فى انتظار دورهم فى الكشف.

و لك أن تعرف أن العيادة تقع فى الدور السادس و من الأول لغاية السادس الناس تقابلك فى كل مكان.

على السلالم جالسون و داخل العيادة مكدسون و أنا لا أجد لقدمي مكانا أستطيع فيه الوقوف و أن أخذ و أدى فى الكلام مع أخينا التمرجى الذى صرخ فى الجميع بالهدوء راجيا منهم الانتظار حتى مطلع العيد الكبير و الحجز عبر التليفون و الكشف بأولوية الحجز.

و طبعا يشكو الناس الذين تواجدوا بالعيادة بجانبي و استطاعوا أن يعبروا جحافل الناس المرصوصة من الدور الأول حتى السادس إلى أن وصلنا للعيادة و طبيعة الشكوى أن رقم الدكتور مشغول دائما و طمأنهم الباشتمرجى بان الدكتور سوف يقدم لهم خطوطا تشبه أرقام الدليفرى فى المطاعم و ستكون جاهزة خلال أيام.

الحمد لله خرجت من العيادة و ساعتي ليست فى يدي لكنى تذكرت اننى نسيتها فى بيتنا.

لا أعرف ماذا أفعل؟ هل أذهب لعيادة ثالثة أم انتظر حتى مطلع العيد الكبير؟

أعود فأذكر نفسي أن الأرقام مشغولة لكن أطمئن نفسى انه جارى تركيب خطوط من أم خمس أرقام "خلال أيام" و أنطق حرف الميم كما قاله التمرجى ممممم.. "خلال أيامممم".

هذه الأمر البسيط أدى لحدوث أزمة عويصة تكلمت عنها الصحف و تناقلتها وكالات الأنباء العالمية و أصبح الأمر ظاهرة خطيرة تحتاج إلى تدخل كبير.

فأطباء العيون عندهم مرضى اللهم صلى ع النبى على عددهم زى الرز.
و أول كشف يصيبك فيه الدور بعد أربعة شهور و لو كنت تعرف الباشتمرجى و أكرمته -(بلاش تقول رشوة حاكم ده اللي سايد و أوعى تفهمنى صح)- فسيكون دورك بعد ثلاثة أشهر، أينعم خفض لك شهرا لكن احمد ربنا يا أخي و لا أنت كده مش عاجبك و كده مش عاجبك؟

المهم أن المشكلة تفاقمت و خرجت المظاهرات فى البلاد تطالب بتوفير عيادات للناس فالعيون تحتاج لمن يطيب خاطرها و ساعتها لو ما حصلش كما تقول احدى اللافتات:هتتشال العنين من كلام المحبين.

و حاكم إحنا شعب "حبيب" بتشديد الباء الأولى و تسكين الثانية وقتها سيق حال الشعراء و المغنين و الملحنين و تنقرض العيون من لغة الأغاني و صعب ساعتها تقول مثل الست:عينى ع العاشقين.
أو كما يقول محبو تمورة:عنيا بتحبك.

باختصار الأزمة كبيرة و مفيش مكان للكشف على العيون الأمر الذى أدى لخروج مسئول كبير أوى فى التليفزيون ليحدثنا عن هذه الأزمة.

ابتسم سيادته خلال المؤتمر المذاع مباشرة على الهواء و ألقى بيانه علينا بعد أن دخل بإطلالة بهية صحبتها نداءات و هتافات تشكر فى حضرته الذى قال:
"السيدات و السادة، اخوانى و اخواتى الكرام، كل عام و انتم بخير و كل عام و نحن معا لا يفرق شملنا احد.
لقد اتفقنا دائما أن نعمل سويا فى اليسر و العسر و لا تقف أمام مسيرتنا أي عقبة إلا و قهرنا هذه الصعاب بروح أكتوبر العظيمة و سوف نجنى الثمار فرحين بمستقبل باهر مشرق لبناتنا و أبنائنا.
أيها الإخوة و الأخوات لقد ظهرت فى البلاد أزمة يراها البعض كبيرة بسبب الزحام على عيادات أطباء العيون و أرى أن ....".

يصمت المسئول الكبير ثم يلملم الأوراق التي يقرأ منها و يعود للميكروفون مرة أخرى قائلا:"إيه رأيكم نتكلم من غير لف و دوران و بعيد عن الورق؟".
و صفق الحضور بشدة و تجددت الهتافات المؤيدة لهذا التغيير الكبير فالمسئول يخرج لطمأنتنا و الرد علينا وقت الأزمة و هذا حدث جلل ناهيك عن أن المؤتمر حضره الكبار و العامة من الناس المتضررين فى البلد ثم يقرر سيادته الخروج عن المألوف و الحديث بعيدا عن الأوراق يا لها من مفاجأة عظيمة.

 "اخوانى رجاء الهدوء من فضلكم".
يقاطعه أحدهم بالهتاف "عنينا رجعت لينا بعدا ما ظهرت قدام عنينا".

"يعنى بتشوف و مفيش ازمة" ينطق المسئول بكلماته و القاعة تغرق فى الضحك.

"شوف خفة دمه" تخرج هذه الكلمات وسط دخان كثيف خارج من نغاشيش حنفى المجاور لمقعدى بالقهوة و الشيشة ترافقه فى فمه.
"شكرا شكرا" و يلوح المسئول بيده للحضور حتى يلتزموا الهدوء (خليها الصمت و انت و اللى تفهمه) و ساد الهدوء فى القاعة.

"اخوانى ببساطة كده احنا الأيام اللى فاتت كنا فى شهر كريم عدى علينا هوا ما لحقناش نحس بأيامه و لياليه الحلوة غير كده كانت دايما فى شكوى منغصة حياتكم انا عارف و هى مشكلة انقطاع التيار الكهربى و ظهرت تصريحات من المختصين إن دي سياسة تخفيف أحمال و إننا ما نقدرش نبلغ الناس بمواعيد قطع النور و عارف انكم بتقولوا طيب ازاى و احنا بنوزع كهربا و غاز ع الخلق الى جنبنا و احنا غرقانين فى الضلمة؟".

يصفق الحضور و تدوى الهتافات شاكرة المسئول على شعوره بمعانتهم.

يشير إليهم المسئول بالهدوء و ابتسامته لا تفارقه ثم يكمل حديثه قائلا:"انا عندي ليكم دراسة من جامعة سيدنى الاسترالية بتقول فيها بالحرف إن بقاء الأطفال لوقت طويل خارج المنزل بالهواء الطلق يقيهم من الإصابة بقصر و ضعف البصر".

تسود الهمهمات فى القاعة و يتساءل حنفى و هو جالس بالقهوة "و إحنا مالنا و مال العيال؟"،صحيح اللى يمشى..... و لا بلاش اقولك اللى قاله حنفى حاكم احنا فى رمضان.

"طبعا انتم مستغربين ليه أنا بتكلم عن الدراسة..الحكاية و ما فيها إننا لقينا مسلسلات كتير اوى فى رمضان و كنا كل ما نمشى فى حتة يطلع لنا مسلسل، تفتح الحنفية ما تلاقيش مية بس تلاقى مسلسل و تروح ع التلاجة تلاقى مسلسل مش كده و لا ايه؟".

و "الله معاك حق" صوت الهتافات فى القاعة.

"فاحنا قلنا لازم نواجه المشكلة دى مش عشان خاطر دفع عجلة الانتاج او عبور الأزمة الاقتصادية..لأ لأ..اطمنوا احنا بعدنا عن منطقة الخطر..احنا اللى خايافين منه ساعتها ان المسلسلات تضيع وقتكم و تفضلوا قاعدين قصاد التليفزيون و كل واحد كانه مسلسل بإيده بجنزير مربوط فى التليفزيون".

تصفيق حاد فى القاعة و فحمتين يطلبهم حنفى فى القهوة لأن سيادته عاجبه.

"هدوء يا جماعة من فضلكم..طبعا عارفين ان كتر الفرجة تعلم.. زى المثل ما بيقول لكن اللى قال المثل نسى يقولكم ان رمضان جه فى شهر اجازة و العيال قاعدة و الجو حر و الناس مأنتخة و مريحة و بالتالى اتفرجوا و ضعف نظرهم و ده سبب الأزمة الموجودة دلوقتى".

صمت فى القاعة و لا تصفيق و لا هتافات.

"عارف انكم هتقولوا يا سلام يعنى الكام ساعة قصاد التليفزيون هتعمل كده و واحد يقولى انت ضيعت وقتنا و واحد تانى هيكتب حجة البليد و واحد تالت يرسم و نكتة تطلع و كلام كتير من الشكل ده،لكن احنا وفقا لسياستنا اللى اتفقنا عليها و هى مصلحتكم عملنا دراسة بقى زى بتوع جامعة استراليا و الدراسة دى كانت على الناس اللى انقطعت عنهم الكهربا.....(أصوات تتعالى فى القاعة بالإضافة لعلو قرقرة شيشة حنفى)....سكوت من فضلكم،خلينا اقول لكم ان الناس اللى انقطعت عنهم الكهربا ما طاقوش يقعدوا فى البيت من الحر و سابوا بيوتهم و بعدوا عن التليفزيون و الحمدلله هما الناس اللى ما اشتكوش من ازمة ضعف النظر ولا قصر و لا طول و لا حاجة خالص و ده يؤكد كلام دراسة صحابنا فى استراليا زى ما قلت لكم و بكده يبقى عرفنا الأزمة و سببها و حلها إيه".

تصفيق فى القاعة مش عارف على إيه كما يقول حنفى و دخان الشيشة يتطاير من فمه.

"عشان كده قطع الكهربا كان فى مصلحتكم و فى نفس الوقت ما تشغلوش بالكم الانتخابات بتاعة المجلس الموقر ع الأبواب و طبعا هيبقى فى ظبط و ربط فى قرارات العلاج و هنعالج الناس بما يرضى الله".

و طبعا لأن حنفى قد عمر طاسته و ذهب فى دنيا أخرى فقال:"أكيد هما اللى قصدوا يذيعوا المسلسلات عشان زى ما الدراسة قالت نظر اللى بيتفرج يضعف لأنه قاعد فى بيته و طبعا ساعتها هيروح للدكتور و هيبقى مشتاق انه يدخل أوضته و يكشف و يشوف الهلالات المرسومة على لوحة الدكتور و طبعا مش هيلاقى مكان .
فيوم الانتخابات يروح ينتخب مع ان نظره ضعيف و يومها هيكون مشتاق و قلبه يتمنى اى هلال يشوفوا عشان يثبت لنفسه ان لسه نظره بخير و ساعتها يروح معلم عليه و يخرج و تبقى خير و بركة للكل".

يسحب حنفى نفسا طويلا بعد هذا الكلام ثم يتجه لمتابعة المسئول الذى كان فى ختام حديثه"و نتمنى إن ربنا يبعد عنا الأزمات و كل عام و انتم.......".
لقد انقطعت الكهرباء قبل أن يكمل المسئول كلمته و لا تنسى أنني قلت لك تخيل.