2011/12/28

درس حرارة



أنت الآن تجرى بعيونك على السطور المكتوبة بينما يوجد شاب مصرى معروف باسم "أحمد حرارة" شاءت له الأقدار أن يفقد هذه الميزة لإيمانه بمصر بصيرة حرة ينعم فيها أهلها بالكرامة لكن رصاصات غادرة وقفت بكل "غشومية" تصطاد عيونه.

هذا الشاب قد تكون عارفا بحكايته التى تشهد له بشجاعته حيث فقد نور العيون مرة فى أحداث ثورة يناير يوم جمعة الغضب وأخرى فى أحداث شارع محمد محمود.

لماذا لا تقوم وزارة التربية والتعليم بوضع درس فى مقرر اللغة العربية لطلبة المدارس الابتدائية يحثهم على التعلم من حكاية الدكتور أحمد حرارة بصورة تزكى فيهم روح الوطنية والأمل وساعتها يبقى لدينا ضمان إن العيال يلزق فى دماغها درس يفيدهم ويشجعهم يحبوا البلد ويتعلموا إن فيه ناس طارت عيونها لأجل البلد وساعتها يكبروا على فكرة الاحترام للجميع وإعطاء الحقوق لهم إن كانوا من المواطنين أو إذا ربنا كرمهم وكانوا من الحاكمين فلا يتعرضون لنسيان أو إغفال يؤدى لإهدار حق مصاب أو شهيد.

لا أعرف كيف أصل باقتراحى لوزارة التربية والتعليم لكن ممكن بتعاوننا مع بعضنا نعمل حاجة تقدر توصل صوتنا لوزارة التعليم ومنها نقدر نكرم الدكتور أحمد حرارة ولو إنى عارف إننا مهما عملنا فلن نستطيع تعويض البطل.

وساعتها درس أحمد حرارة سيكون برقبة درس "أنا ماجد" الذى يتباهى بأمه وأبوه ولا كأنه كابتن ماجد الذى يوجع دماغنا بالجرى ثلاثة أيام داخل الملعب حتى يمكن من إحراز الهدف لكن الكورة تخبط فى العارضة وتعود له بعد ثلاثة أيام أخرى والجمعة إجازة.

الفكرة ببساطة إننا نربى عيالنا على الاحترام لأن الحكاية مش تعليم وخلاص إنما الحكاية تربية قبل التعليم.

يعنى عيالنا تتربى من صغرها على حب الوطن وحب من يعيش معك داخل الوطن من غير تمييز أو تريقة على شكله أو دينه أو جنسه.

عيالنا تتعلم من ناس تضحى بأغلى ما تملك كنعمة البصر حتى ترى مصر نور الحرية ببصيرة العدالة.

الولد والبنت يدخلوا المدرسة ومن سنة أولى ابتدائى يكون فيه درس عن أحمد حرارة وغيره من شهداء الثورة والمصابين يتعلموا منهم حب البلد بالعمل والاجتهاد وقول الحق وتطبيق العدل.

وساعتها لو التعليم ربنا كرمه بدروس من عينة الثورة مع تفكير قائم على البحث والإبداع والابتكار يبقى ممكن ساعتها نطلع القمر حتى لو أنت شايف إنه حلم مستحيل، ما هو ساعتها المخلوع مبارك ومن حوله كان فى بطنهم بطيخة صيفى تؤكد إن الشعب لن يثور، شوفت إن الموضوع محتاج إرادة وقدرة وثقة بالله.

ولحين وضع درس أحمد حرارة فى مقررات اللغة العربية سواء كان بعنوان "حرارة" أو "عيون الحرية" أو أى اسم تقترحه حضرتك فهناك طريقة أخرى يمكن للدولة أن تكرمه من خلالها إذا كانت لديها النية وذلك عن طريق تعيينه داخل مجلس الشعب منها يبقى الناس تقول على صاحب القرار يا زين ما اختار ومنها تبقى الثورة ضمنت وجود شخص يدافع عنها تحت قبة البرلمان.

2011/12/27

حسنى الثورى




السيارات توقفت عن سرعتها الشديدة أمام أبواب المستشفى المجهز بأحدث الإمكانيات الطبية العالمية حيث يرقد فيها المريض الذى ينظر من شباك حجرته على هؤلاء النازلين من تلك السيارات.

السيارات خرج منها ضابط ومعه مجموعة من العساكر يتحركون بسرعة نحو سلم المستشفى للصعود إلى من كان ينظر من وراء زجاج حجرته عليهم.

الضابط يسير فى ممر طويل ثم يجد فى نهايته غرفة على اليمين وأخرى على اليسار.

يتوقف الضابط موجها نظراته إلى الغرفة التى تقع باليسار حيث يتأكد من رقمها ثم يأمر الحرس الواقف على الغرفة بالابتعاد عن طريقه حتى يدخل الغرفة فينصاعون لأوامره دون مناقشة.

المريض يجلس على السرير ولا يعرف سر الزيارة كما أنه لم ير هذا الضابط من قبل لكن حيرته تتلاشى عندما ينطق صاحب النسر المعلق على كتفيه:مالك يا حسنى وشك مخطوف ليه؟

يرد المريض الذى نطق الضابط اسمه فيقول:أنتم مين؟

يبتسم الضابط قائلا :ماتخفش يا حسنى إحنا جايين نشيلك على كفوف الراحة.

وكانت كلمة كفوف الراحة بمثابة كلمة السر التى ينتظرها العساكر حتى يتجمعون حول سرير المدعو حسنى وكل منهم مكلف بمهمة محددة حسب الأوامر التى ألقاها عليهم الضابط قبل زيارتهم للمستشفى.

أحد العساكر أخذ اليد اليمنى لحسنى ووضعها فى الكلابشات لتصبح مربوطة بظهر السرير الراقد عليه وجندى آخر أخرج صندوقا به صراصير قام برشها على أرضية الغرفة والثالث أمسك بصاعق كهربائى له أصوات مرعبة على آذان حسنى الذى تبدلت ملامحه التى كانت فى سكينة وهدوء واطمئنان إلى فزع من مجهول لا يعرف أمره سوى رب كريم.

"إيه يا حضرة الظابط ده .. الكلام ده مايصحش مع واحد زيى".

نطق المريض بكلماته فما كان من الضابط إلا أن أخرج سيجارته ثم أشعلها وبعد لحظات تكلم قائلا:ليه يا عم حسنى أنت مين بجلالة قدرك؟
حسنى:أنا الريس يا ابنى وعيب تكلم مع حد زى والدك بالطريقة دى.

الضابط:والدك .. شيلله يا والدى..وبسلامتك ريس على سفينة تايتانيك ولا إيه؟

تدخل عيون حسنى فى لحظة استدعاء لدموع يمكن لها أن تحنن قلب هذا الضيف الثقيل.

يرفع حسنى يده المتحررة من الكلابشات ناحية أنفه ثم بعد حكتها عدة مرات يتوقف على صوت الضابط الذى يأمره قائلا:ما تبطل لعب فى مناخيرك.

يرد حسنى بصوت مبحوح:مش كفاية عليك معذبنى .. إيدى فى الكلابشات وفيه صراصير ع الأرض عمالة تقرب من سريرى والعسكرى اللى واقف فوق دماغى وعمال يبرق لى وكل الرعب ده ومش عايزنى ألعب فى مناخيرى..حرام عليك يا مفترى..حرام عليك..أنت مين اللى باعتك..إحنا ما اتفقناش على كده.

الضابط:اتفقت على ايه يا حسنى؟

حسنى:اتفقت إن معاملتى تكون حلوة ومعزز مكرم.

الضابط:وده مين اللى اتفق معاك على كده؟

يصمت حسنى ويرفض الرد على سؤال الضابط ثم يتوج بنظره إلى سقف الحجرة قائلا:أنا عايز معاملة ثورة.

يقترب الضابط منه قائلا:دلوقتى بتتمسح فى الثورة وزمان تقول صوابع خارجية وأجندات وتضحك علينا بخبثك .. يا راجل ده أنت ماعملتش هيبة لسنك والحشاكيل بتوعك فالحين يقولوا صاحب أول ضربة وأول طلعة وآخرتها طلعت أكبر أونطجى.

يصرخ حسنى:ماليش دعوة أنا رافض معاملتى بالشكل ده أنا عايز عدالة ثورية وكرامة زى ما الشباب نزلوا وهتفوا فى التحرير..لازم تكلم الثورة ع التليفون وتقولهم إنى عايز حقى على كلبشة إيدى فى السرير والمعاملة غير الآدمية لراجل فى سنى.

أثناء ذلك الصدام مع حسنى فى غرفته خرج التليفزيون معلنا عن قيام ضابط ومجموعة من العساكر باقتحام غرفة مريض يدعى حسنى بمستشفى على آخر أطراف القاهرة وهذا الأمر دفع القوى الثورية للاحتجاج حيث طالبوا بمعاملة آدمية لحسنى كما نادت الثورة بأهمية الكرامة لكل إنسان مصرى.

وبعد هذا البيان قررت الثورة أن تطبق مبدأ العدالة والكرامة بمحاسبة حسنى وأعوانه على جرائمهم السوداء فى حق من كانوا يحكمونهم بالحديد والنار كما تمت أيضا محاسبة من عاملوا حسنى بهذا الشكل المهبب كما وصفه فى المستشفى.
هذه المعاملة الهباب أدت لاعتراف حسنى بتهمه ومشيت عجلة الإنتاج وانتهى وجع الدماغ كما يراه أصحاب الأسف والندم على رحيله.

ويوم النطق بالحكم وقف حسنى فى القفص ناظرا لوزير داخليته قائلا:شوفة آخرة معاملة الظباط للمقبوض عليهم خلونى زيي زيهم أقر وأعترف من خوفى منهم.

رد وزير داخليته:أنت هتلبس أى مصيبة فيا يا ريس؟..شوف مين اللى غرقك وبعدين أتكلم.

هنا عاد حسنى من نظراته إلى سقف حجرة المستشفى فوجد نفسه وحيدا والأرضية نظيفة ولا كأنها مغسولة بصابون سائل ثم تحسس يديه فوجدها حرة قادرة على مسك ريموت التليفزيون و تشغيله على قناة تذيع أغنية "اخترناه اخترناه".. ابتسم حسنى ثم قال فى تكبر:طول ما حبايبى موجودين يبقى سلملى ع الثورة.