2012/10/11

سفارة أحسن من قلادة !!





دخل إلى المكتب بعد أن عدل من وضع ملابسه، حتى يكون مهندمًا وعلى سنجة عشرة ضاربًا ابتسامة مصحوبة برسم علامات الهيبة والوقار في وجهه العريض قبل أن يحل ضيفًا بعد قليل في صحبة الرأس الكبيرة.

ألقى السلام على صاحب المكتب ثم جلس على الكرسي وبدأ النقاش بينهما.
صاحب المكتب: إزيك.. يا رب تكون في أحسن حال.
الضيف: الحمدلله يا فندم.

صاحب المكتب: والله نتمنى ده لكن أنت عارف المسؤولية صعبة.
الضيف: سيادتك قادر على تحمل المسؤولية وربنا يعينك على مشاغلنا.

صاحب المكتب: ربنا يسمع منك ويكرمنا.. لكن أديك شايف الناس زعلانة إزاى بعد حكاية «موقعة الجمل».
الضيف: هنعمل إيه يا فندم.. إحنا سعينا للحقيقة والعدل.. وحضرتك عارف القاضي حكمه بالقانون والورق اللي محطوط قدامه.

صاحب المكتب: وطبعا شوفت القاضي عمل إيه.. كل المتهمين براءة.. والناس قعدت بقى على النت تنشر فيديوهات المجزرة في حق ولادنا.. وأنت عارف إني وعدت الناس بحق الشهداء وإنه في رقبتي.
الضيف: مشكور يا فندم على اللفتة الطيبة دي.. ربنا يجعله في ميزان حسناتك.

صاحب المكتب: ما هو إزاي يبقى في ميزان حسناتي يا أخي، وكل اللي تحت إيدك مقدمين أدلة «أونطة»، وتخلي الناس المتهمة تطلع من القضية زي الشعرة من العجين.

الضيف: يا فندم.. الناس عملت اللي عليها.. لكن عايزك تطمن وتعرف كويس إننا مش هنام ولا هتغفل لنا عين لغاية ما نقدم مذكرة نطعن من خلالها على الحكم.. وتبقى وعود حضرتك وهيبتك وهيبة الدولة ماراحتش على الفاضي.

صاحب المكتب: وأنت فاكر إنك هتستنى؟!
الضيف: مش فاهم كلام حضرتك.. تقصد إيه يا فندم؟!

صاحب المكتب: أنت عارف إن الناس شايفاك من ريحة النظام السابق.. وشايفاك عقبة في سكة العدالة.. والثورة بسببك في القضايا هتروح في ستين داهية.. والشباب مش هيسكتوا على حق إخواتهم اللي وقعوا قصاد عنيهم في الميدان.. وهينزلوا مظاهرات ويطالبوا بإقالتك.

الضيف: فهمت.. يعني سيادتك يا فندم عايزني استقيل؟!
صاحب المكتب: والله يبقى ده جميل مش هتنساه الثورة.

الضيف: بس ده تدخل في سيادتنا واستقلالنا.. وحضرتك عارف كويس إنك مش ممكن تشيلني من مكاني.
صاحب المكتب: عارف ده كويس.. لكنك لازم تفتكر إنها مش دايمة إلا لوجه الله سبحانه وتعالى.. ولازم نمشي مع صوت الشارع.

الضيف: ونعم بالله يا فندم.. لكن ما تبقاش آخرة الواحد زي خيل الحكومة.. برصاصة ومع السلامة.. بالذمة ده يرضي سعادتك؟!

صاحب المكتب: ما أنت لو تصبر كده وتسمعني.. هتعرف إن شايل لك حاجة كويسة.
الضيف: حاجة كويسة؟! زي إيه يا فندم.. هتخليني وزير؟!

صاحب المكتب: لا سفير.. إيه رأيك بقى وتركب طيارة وتسافر وتبقى بعيد عن وجع الدماغ.. وتبقى مسؤول عن السفارة المصرية وتبقى الكلمة الأولى والأخيرة لك.

الضيف: سفير؟! والله ما كنت أتوقع حاجة زي دي؟!
صاحب المكتب: شوفت بقى.. تطلع تبقى سفير وتكون واجهتنا وتبقى حاجة جديدة بدل ما يبقى معاك قلادة.. تبقى معاك سفارة.

الضيف: وهكون سفير فين؟!
صاحب المكتب: الفاتيكان.. بلد حلوة محندقة وربنا يكرمك بقى هناك.

الضيف: بس سيادتك عارف الإيطالي بتاعي بعافية شوية والفرنساوي بتكلمه لبلب.

صاحب المكتب: النبي قال اطلبوا العلم ولو في الصين.. وأنت ابن حلال ومخك حلو هتتعلم وهتبقى لبلب في الإيطالي.. يللا اتوكل على الله سيب منصبك.. ووافق على منصب السفير.. ومعلش بقى هستأذنك عشان عندي مقابلات وارتباطات.. شرفت ونورت.

يخرج الضيف مندهشًا بينما صاحب المكتب ترتسم على وجهه ابتسامة، ثم يعدل وضع نظارته على أنفه، ويمسك بالتليفون المواجه له فيجيبه شخصًا على الطرف الثاني من السماعة، فيخبره بقوله: أيوه إزيك.. كلم محمد.. وخليهم يفتحوا التليفزيون.. قرارات مهمة هتطلع بعد شوية!!