2011/10/28

التسول الصامت



وجدتنى أقلب فى أوراقى فوقعت عينى على سطور مكتوب فيها " كانت النمسا قد خرجت من الحرب العظمى الأولى فقيرة مفلسة فقدت امبراطوريتها الواسعة و فقدت معها كل شىء".

"كان الزائر الأجنبى يشهد مظاهر الفقر و الجوع فى كل مكان .. كان يرى مثلا فى شوارع المدينة الجميلة ضباطا عظاما من ضباط الجيش النمسوى الامبراطورى القديم و هم فى ثيابهم العسكرية الممزقة و على صدورهم شارات الأوسمة و النياشين التى حصلوا عليها فى ميادين الشرف و الفخار و لكنهم كانوا يقفون أمام أبواب الفنادق الكبرى و المطاعم و المقاهى يتسولون.

كان الضابط منهم يقف و يضم راحتى يديه إلى صدره و يحنى رأسه .. و لا يقول شيئا .. تسول صامت هو أشد أثرا فى النفس من عبارات الاستجداء المعروفة فى مصر و فى ايطاليا و المصحوبة بأسماء الله و القديسين".

أوشكت الصفحة على الانتهاء و وجدت على الصفحة الجارة لها فى الجانب الأيمن عنوانا لكتاب أخذت منه هذه السطور و اسمه : بعض من عرفت .. للكاتب الراحل الذى لقبوه بأمير صاحبة الجلالة : محمد التابعى.

و من هذه السطور البسيطة نأخذ العبرة بأن مهما كانت قوتك و صلابتك فسيأتى يوم و تسقط مثل الحكمة التى تقول : ما طار طير و ارتفع إلا كما طار وقع.

ضاعت النمسا بسبب الحرب و ضاع معها قادتها العسكريين فلا نفعتهم نياشينهم و لا أوسمتهم فكل ما كان لهم هو الوقوف بصمت دون التفوه بكلمات "لله يا محسنين" و حسنة قليلة تمنع بلاوى كثيرة" و إنما الاعتماد على عطف أهل البر و الاحسان فهل يسود البر و الإحسان لدى الأطراف المتصارعة التى تسعى لحكم ديمقراطى سليم أم تستمر حالة الضباب و منها إلى الخراب؟

هل تستمر محاولات التسول الصامت من أجل أخذ الحقوق داخل المحروسة و أم الدنيا أم تنتزع الحقوق بشرعية تحترم القوانين و تحاسب الكبير قبل الصغير بكل عدل دون التفاف على إرادة الناس؟

هل نحن نسير فى طريق التسول الصامت أم فى طريق الحصول على الحق؟
أحيانا تأتى لحظات تشهد الطوفان الذى يغرق الجميع لأنهم غيبوا الحقيقة عن أعينهم فاعتمدوا على التهليل و التصفيق و تراجعوا عن كشف الغشاوة التى تمنعهم من تحقيق العدل و الديمقراطية و كل ذلك لأنهم أوقفوا العقل عن طرح التساؤلات التى تتكاثر و تتزايد و تحتاج لإجابات تنطق بالحق لوجه الله و لوجه الوطن.


2011/10/21

رجل حر فى زمن النفاق

هذا الرجل يظهر على الشاشة فى كل ليلة و هو يقدم لحلقته بكلمات قصيرة و موجزة لما يحدث حولنا و تعيش فى مقدمته عبارة دائمة التكرار هى : طيب الله أوقاتكم.

معروف بسعيه الدائم إلى كشف المستور سواء كان ذلك داخل وطنه أو خارج تراب بلده التى يعشقها و يردد لها كل الحب فى برنامجه معبرا عن ذلك فى أغنيته المفضلة : يا حبيبتى يا مصر.

لا يسعى إلى حالة من الشهرة الإعلامية التى تعتمد على الإثارة بل يعمل بشكل "مهنى" و هو - كما يقول- يركز على "ثلاثة أشياء أحاول دائماً أن تبقى نصب عيني: ضميري أمام الله و واجبي تجاه الوطن و حرصي على قيم المهنة".

يسعى إلى حرية لا تنادى إلى حرب تستخدم سلاحا قاتلا يسيل الدماء و إنما سلاحه يتركز فى آلة التصوير التى تقدمه للجمهور فى كل ليلة و قلم يكتب و يسأل و يسعى للوصول إلى إجابة تؤكد فى النهاية: أن تقدم مصر لا يسير على فكرة الرضا بما هو موجود و التغنى بنغمة ليس فى الإبداع أفضل مما كان.

إنه مثلى الأعلى الذى أفخر به دائما .. إنه الرجل الذى درست مثله فى قسم الإذاعة و التليفزيون داخل كلية الإعلام بجامعة القاهرة .. إنه كما يقولون عنه : رجل فى زمن عز فيه الرجال و متمرد لوجه الله اسمه : يسرى فودة.
رجل يعتمد فى "مهنته و مهنيته الإعلامية" على تنبيه الناس دون سلاح أو عضلات أو مكلمات من التى نراها ليل نهار فى بحر القنوات الفضائية و لكنه يعتمد على تذكير من يشاهده بأننا إذا أردنا الذهاب إلى مكانة أفضل من التى كنا نعيشها فى حياة الطغاة التى عصفت بهم الثورة فما لنا سوى طريق واحد يبدأ و ينتهى بـ"الحرية المسئولة".

كل هذا يسعى نحوه و هو يعتقد أننا نعيش فى ثورة تكفل حرية الإعلام و تؤمن بكشف الحقائق و تداولها و تهتم برأى عام يفند الحقائق و لا يسير بسياسة القطيع التى تحاول إرضاء السلطة بالنفاق و ركوب الموجة المؤيدة للسلعة الرائجة فإذا كانت "سلطة" فأهلا و سهلا بها و إذا كانت "ثورة" فمرحبا بالتمثيل الثورى و الظهور بشكل ثورى أكثر من الثوار أنفسهم.

أن يخرج صاحب البرنامج الشهير "سرى للغاية" ببيان صحفى و لأول مرة طوال سنوات عمله يرى فيه أن "جانباً كبيراً من عقلية ما قبل الثورة لا يزال مفروضاً علينا بصورته التي كانت، إن لم يكن بصورة أسوأ"،  فهذا معناه أن رأس النظام سقط لكن أصابعه لازالت تلعب و لا أظن أن القائمين على الأمر يرضون بهذا الحال حتى و إن كان ما يطرحه المواطن "يسرى فودة" يسبب حرجا و أزمة لهم فلا عيب فى الجدال و النقاش و معرفة الايجابيات و السير عليها و تجنب السلبيات و الاعتذار عن خطأ لكن أن تسير الحالة ناحية تكميم الأفواه و كسر الأقلام و قصف الحرية المسئولة و دفنها حية و هى لا تزال طفلة تتشكل مع ربيع ثورة يناير فهذا لا يرضى أحدا.

يا سادة يا كرام إذا كان الإعلام فى نظركم هو المطبق لمبدأ التطبيل و التصفيق الحاد فتذكروا أن كل من صفق له الإعلام بنفاق ذهب بعيدا عن السلطة بينما من أنار له الإعلام "المهنى" طريقا إلى الحرية و الديمقراطية و الفهم الواعى فهو قد نجح فى بناء مجتمعه.

إذا كان الإعلام فى نظركم يسير بطريقة "عاش الملك .. مات الملك" و نفاق صاحب السلطة أيا كان شكله و أدواته الحاكمة فهذا خطأ فادح سيؤدى إلى ما لا يحمد عقباه.

فى نهاية المطاف يمتلك يسرى فودة الحق فى تعليق برنامجه "آخر كلام" لأنه يرى أسلم طريقة لذلك هى أن يقول: خيرا أو ليصمت،ولهذا أذكره بـ"عبدالله النديم" عندما قال : اتبع الحق و إن عز عليك ظهوره.

و يعز علينا احتجابك عن الشاشة خاصة و أن قناة ONTV أعلنت تأييدها لك فلا تحتجب عن الشاشة و تحرمنا من طلتك فى هذا الوقت الحاسم الذى تحتاج فيه مصر لكل رجل قادر على خدمتها لوجه الله فى مجال عمله، خاصة و أننا يحز فى أنفسنا أن يغيب عنا العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ و عندليب الصحافة المصرية محمود عوض لغياب أرواحهما و بالتالى لا نريد الغياب لعندليب الإعلام المصرى يسرى فودة و هو فى عز شبابه الثائر بضمير حى.

لقد فقدنا منذ شهور الطلة البهية للإعلامية "دينا عبد الرحمن" و أخشى أن تكون أنت التالى يا أستاذ يسرى و لا أريد أن يحدث ذلك لأنه ليس من المكتوب علينا أن يظل إعلامنا فى يد أشخاص لا تجيد سوى التضليل و تزغيط البطة.

2011/10/06

آخرتها تفاحة


لا أكتب هنا عن التفاح باعتباره من الفواكه اللذيذة أو فى تقديم وصفة من وصفات طهى الكيك و التورتة المزينة بحباته.

لكن الحديث هنا عن تفاحة غيرت وجه العالم و أثرت فيه منذ بداية الكون فقد كان سيدنا آدم يجلس فى الجنة و معه حواء ليل نهار و هناك من يوسوس له و يزن على دماغه بتناول الثمرات من تلك الشجرة التى حرمها الله.

يقاوم آدم و ابليس النارى يصب ألاعيبه و حيله حتى يخرج أبو البشرية من نعيم الله.

و بين آخذ و جذب و شد و حديث بين حواء و آدم، تنتهى الوسوسة بتناول سيدنا آدم التفاحة من الشجرة المحرمة و ينكشف المستور فيخرج و معه حواء من الجنة ليهبطا إلى الأرض من أجل تعميرها و أيضا للوقوف ضد ابليس.

تخرج البشرية من الجنة لتبدأ رحلة الشقاء فى الحياة الدنيا و تسعى لطريق الجنة من جديد بالعبادة و العمل و الإيمان بالله الواحد القهار و تحاول البعد عن طريق النار المخلوق منها ابليس الذى يجلس من أجل غواية البشر و إيهامهم بقدرته على حمايتهم بينما هو ينفذ شروره من أجل أن يكفر أناس ضالون برب العالمين.

بسبب التفاحة يعيش الانسان فى صراع دائم بين الحق و الباطل و مطحنة بين الخير و الشر لا تغلق صفحاتها إلا عندما يرث الغفار الأرض و من عليها.

و تقول حكاية سواء كانت أسطورية أو حقيقية عن "غسلر" الحاكم النمساوي لأحد أقاليم سويسرا أنه علق قبعته على عمود في الساحة العامة باعتبارها رمزاً للسيادة النمساوية على البلاد، وأمر كل من يمر بالساحة أن ينحني احتراماً لتلك القبعة.

لكن أمام كل حاكم معروف عنه الاستبداد يخرج ثائرا لا يعرف الخوف و هنا ظهر فى الساحة "وليم تل" الذى رفض الانصياع لهذا الأمر، فيحكم "غيسلر" على "وليم تل" بأن يحضر ابنه الذى بلغ سبع سنوات و يضع على رأسه تفاحة ثم يأمره بالنشان على التفاحة و إلا يتم إعدام كل أسرته.

و لك أن تتخيل المشهد العصيب الذى يقف فيه الأب ليحاول إنقاذ أسرته سواء بحمايتها من الإعدام أو بحماية ابنه من الموت بيديه.

لكن وليم تل يقف حاملا سهمين و يصوب سهمه بتجاه التفاحة فيفلح مراده و يقف "غيسلر" الطاغية مبهوتا لا يصدق ما يجرى أمام عينيه.

و ينجو وليم تل و أسرته و يسألوه وقتها فى القرن الرابع عشر الميلادى لماذا رفع سهمين لإصابه هدفه؟

فيجيب عليهم بأنه حمل سهمين حتى إذا أخطأ و قتل ابنه فيوجه سهمه الثانى مباشرة نحو رقبة غيسلر.

تفاحة غيسلر ستؤدى به للهلاك حيث التف أهل سويسرا حول وليم تل الذى
اغتال غيسلر بعد ذلك، فكان صنيعه ذاك بمثابة دعوة للشعب السويسرى إلى الثورة على الحكم النمساوي
.

و فى يوم كان يجلس مستندا إلى شجرة و يستريح من عناء عمل شاق و فجأة هبطت عليه تفاحة فأمسكها ثم سأل نيوتن نفسه : لماذا لم تسقط التفاحة لأعلى؟

رمى نيوتن السؤال لكنه حاول مسك إجابته عبر التجارب حتى وصل لقانون الجاذبية الأرضية و منه تم التوصل لاكتشافات و مخترعات هامة فى حياتنا البشرية بناء على سؤال طرحه نيوتن و حاول الإجابة عليه.

بسبب تفاحة نيوتن تغير وجه البشرية لأنه وقتها لم يكن جائعا فأخذها و أكلها لكنه فكر و تساءل ليصل إلى جواب، فالانسان بلا سؤال و بحث يعيش تائها، لكنه بالبحث و السؤال و المعرفة يستطيع أن يزن أموره و يتخذ قراراته بوعى دون أن يتصرف بشكل عميانى و يسير مسيرة القطيع فيصفق لهذا و يهلل لذاك و يرفض هؤلاء و ذلك ليس عن قناعة منه و إنما لضيق عقله الذى أمره بالوقوف عن نعمة التفكير.

أما اليوم و بعد صراع مع السرطان توفى ستيف جوبز صاحب التفاحة المقضومة الشهيرة برسمتها على أجهزة الكمبيوتر.

و اسمحوا لى أن أقدم لكم شخصيته التى كتب عن فضلها فى  " الثورة التكنولوجية التي أحدثها، قورن ستيف جوبز بعظام من أمثال توماس اديسون وألبرت آينشتاين وولت ديزني، وقطعت محطات العالم الإذاعية والتلفزيونية برامجها العادية لبث نبأ وفاته عن 56 عاما حافلة بالإبداع والمجد".

"ووفقا للعديد من التحليلات التي خرجت بها وسائل الإعلام الدولية بعيد إعلان وفاته فثمة أمران تميز بهما هذا الرجل: الأول سعيه الى «الجمال في التكنولوجيا»، والثاني إصراره الجبار على الاعتماد فقط على غريزته الإبداعية و تقديم ما يرضى الجمهور.

الجدير بالذكر أن ستيفن بول جوبز هو مخترع و أحد أقطاب الأعمال فى الولايات المتحدة، عرف بأنه المؤسس والمدير التنفيذى السابق لشركة أبل، وكان الرئيس التنفيذى لشركة بيكسار ثم انتقل إلى مجلس إدارة شركة والت ديزنى على أثر صفقة استحواذ انتقلت بيكسار بموجبها إلى ملكية ديزنى.

كان جوبز فى أواخر السبعينيات قد قام مع شريكيه ستيف وزنياك ومايك ماركيولا، وآخرون بتصميم وتطوير وتسويق واحد من أوائل خطوط إنتاج الحاسب الشخصى التجارية الناجحة، والتى تُعرف باسم سلسة أبلll.

وفى أوائل الثمانينات جوبز كان من أوائل من أدركوا الإمكانيات التجارية لفأرة الحاسوب وواجهة المستخدم الرسومية، الأمر الذى أدى إلى قيام أبل بصناعة حواسيب ماكنتوش
.

يقولون عنه إنه الرجل الذى غير ملامح العالم بتفاحته الالكترونية فهو
أدهش الملايين خلال سنوات عمله حين مكّن كل شخص من "لمس العالم". وضع العالم بأسره في هاتف ذكي وقال للبشرية "إلمسوه".
رحل جوبز و ترك العلامة الشهيرة على الحواسيب الالكترونية، رحل و بقيت تفاحته.

إنها حقا تفاحات لها تاريخ بل فى كل وقت تظهر تفاحة تغير حياة التاريخ.

2011/10/05

أبطال اليوم السابع

مرة واحد وقف فى طابور الجمعية (الاستهلاكية) يشترى كيلو سمك، و بعد الزحام و الانتظار ساعتين اشترى فعلا السمك، و جرى على البيت ليبشر زوجته بأن الأكل النهاردة سمك.

فى البيت فرحت زوجته لكنها فى نفس اللحظة سألته:أين الزيت؟ حصتنا الشهرية من زيت التموين خلصت.

قال لها زوجها مغتاظا:تصرفى..حاولى تستلفى شوية زيت من الجيران.

خرجت الزوجة تدق أبواب الجيران، جارة و أخرى و أخرى. مفيش زيت.

و العمل؟ قال لها الزوج إن عنده فكرة.. سيأخذ السمك و يذهب إلى أقرب محل يبيع السمك المقلى حتى يقلى له كيلو السمك بالفلوس.

فى الشارع وجد الزوج محل السمك المقلى مغلقا. تمر ساعة و اثنتان و الحيرة تأكله و هو يسعى على رجليه هائما فوجد نفسه إلى جوار النيل. و بكل سخط و غضب و يأس أمسك الرجل كيلو السمك بكلتا يديه و قذف به فى نهر النيل.

غاص السمك فى مياه النيل، و فى اللحظة التالية قفز السمك إلى أعلى فى الهواء و هو يهتف صائحا: يعيش جمال عبد الناصر!

و كانت هذه النكتة مكتوبة فى صفحات كاتبنا البديع محمود عوض فى كتاب "بالعربى الجريح" الصادر عن دار المعارف و يرسم لنا عندليب الصحافة المصرية مغزى النكتة التى "تعبر عمليا عن حالة التقشف و ربط الحزام السائد فى البلد منذ يونيو 1967".

لكن ما رأيك فى وقت البلد فيه مهزومة من عدوها اللدود و تخرج هذه النكتة من ضابط فى الجيش الثانى الميدانى عائد من جبهة القتال و يحكيها لمحمود عوض بعد أيام من نكسة 1967؟

قد تقول كانوا "فايقين و رايقين" يجلسون بلا هم و يؤلفون النكات.

لكن الضابط مصطفى يؤكد أن النكتة ليست من اختراعه و إنما سمعها على لسان الرئيس جمال عبد الناصر أثناء زيارته للجبهة قائلا:
" لقيناه طب علينا فجأة فى عربية جيب لابس قميص و بنطلون يعنى لابس ملكى (مدنى) و معاه محمد فوزى (وزير الحربية) و عربية جيب ثانية للحراسة".
و يتابع محمود عوض سرد قصة زميله مصطفى و الإشارة لزيارة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر و طلبه للاستماع إلى شكاوى و أحوال الضباط و الجنود من فمهم و بكل صراحة.

و وجد عبد الناصر أن " لا أحد يشكو من الجبهة، من القتال.. بالعكس الكل يتعجل يوم تحرير الأرض. لكن الكل يشكو من شىء آخر النكات التى يطلقها الشعب على العسكريين و يا سيادة الرئيس كل ما ننزل أجازة نخاف نمشى فى الشوارع باللبس الميرى (العسكرى).. فى الشارع نكتة و سخرية فى بيوتنا نكتة أكثر و سخرية أوجع.

و بدأ الرئيس يطيب خاطر الجميع: معلهش.. من حق الشعب يسلخ جلدنا و سيستمر يسلخ جلدنا إلى أن نثبت له أننا ناخذ الحرب بكل جدية و إن فيه نتائج محددة على الأرض. أنا مثلكم أسمع النكات و أتألم لكن احنا عارفين شعبنا كويس و إن شاء الله يوم النصر سيأخذكم بالأحضان.. لكن النصر أولا. قبل النصر يهون كل شىء، و إن كان على النكات.. تبقى المسألة بسيطة، عن نفسى أسمع نكات كثيرة و لا آخذها بشكل شخصى، نكات يعبر فيها الشعب عن تضحياته فى سبيلكم مثلا.. هذه النكتة.

ثم حكى جمال عبد الناصر للجنود و الضباط نكتة الأخ الذى اشترى كيلو السمك فضحك الجميع و تبخرت مرارتهم و كما جاء الرئيس فجأة، انصرف فجأة. و فى اليوم التالى عرفنا أنه تركنا ليقوم بزيارة مماثلة للواء الجزائرى المشارك لنا فى الجبهة منذ النكسة.

هكذا استرسل مصطفى"

و هنا نتوقف عند سطور كتاب "بالعربى الجريح" للأستاذ محمود عوض و من خلال مطالعة تاريخنا الماضى و فهمه بإدراك و وعى تكون لنا ذاكرة تساعدنا على الإبحار فى المستقبل و من صفحات التاريخ نتعلم.

تغنت اسرائيل بحرب الأيام الستة فى 1967 و اجتهد المصريون فى يوم سابع يبدأ بحرب الاستنزاف و ينتهى بحرب أكتوبر 1973.

 و حتى نصل إلى (اليوم السابع) كما يطلق عليه أستاذنا محمود عوض فقد خرج الأبطال الذين يجب أن نرفع صورهم و نكتب عنهم –إذا استطعنا- و نسرد بطولاتهم حتى يعرف الصغير و الكبير قدر تضحياتهم حتى تقف البلد على قدميها بقوة خير أجناد الأرض.

هؤلاء الأبطال أمثال عبد المنعم رياض و أحمد حمدى و سعد الدين الشاذلى و محمد على فهمى و.. و.. و.. و شهداء أحياء عند ربهم يرزقون.