2011/01/27

يوم 25 يناير كنت فين؟


سمعت يا سيدى عن قيام مظاهرات و دعوات للاحتجاج و إضرابات يوم 25 يناير و حصلت حالة من الاستنفار الأمنى و أعلنت الشرطة أنها ستمنع أى خرق للقوانين أثناء التظاهرات و طالما أن المشاركين يتظاهرون دون تخريب فهم على العين و الرأس.

لكن المشكلة التى صادفتنى القيام بتحققيات واسعة مع العديد من الأفراد و من بينهم العبد الفقير إلى الله و سألنى المحقق :كنت فين يوم 25 يناير؟

و صراحة و ما لك عليا حلفان تاهت الأجوبة من رأسى خصوصا بعد ما عرفت أن أحد الأفراد من الذين تم استجوابهم أخبرهم بوجوده عند "بحة" بتاع الناصرية و هو من أشهر محلات المحاشى و لحمة الراس و الممبار و بالهنا و الشفا.

و ما حدث كان عظيم الجلل فقد ذهب البوكس و معه عربات أمن مركزى و حاصر المطعم الشهير و تم أخذ كل المتواجدين و لك أن ترى داخل البوكس شخص و معه طبق ممبار معتبر و آخر يقف بطبق شوربة كوارع من اللى قلبك يحبها و ثالث يجلس و على أصابعه آثار اللغوصة فى حتة لحمة راس تاكل صوابعك وراها و .. و .. و .. و سارينة البوكس أعلنت الرحيل بصوتها المعروف ويوا ويوا.

المهم أبلغتهم اننى كنت متواجدا فى المنزل و لم أعرف النزول إلى الشارع فى هذا اليوم المبارك الذى أهنىء فيه رجالنا الذين يحموننا و يسهرون على راحتنا و لا يحصلون على إكراميات و يردون الحق لأصحابه و عليه بوسة كمان.

طبعا المحقق لم يعجبه كلامى .. و أخبرنى أننى لم اكن متواجدا فى المنزل .. لأن سعادته سأل البواب الذى أخبرهم أنه صعد لى بالجرائد و الخضار و ظل يرزع و يخبط ع الباب لكننى لم افتح له !!!

و بكلام البواب فالتهمة ستركبنى من ساسى لراسى لعدم كونى فى المنزل و سأظل جاريا من البوليس إذا استطعت الهرب حتى أثبت براءتى و خرجت مسرعا نحو البواب و أخبرته أننى كنت متواجدا فى شقتى و لم أخرج منها.

فحكى لى نفس شهادته أمام المحقق و بهذا فقد أعلن البيه البواب على الملأ أنه لن يتراجع و لن يتنحى عن كلامه و واضح أنه يريد تدبيسى فى القضية و يفعل فعلة شنيعة ربما تلقى بى فى معتقل و لا الجوانتانامو كما فعلوا مع المشتبه بهم فى احداث 11 سبتمبر.

يعنى هروح فى شربة ميه بسبب عدم قدرتى على إثبات وجودى بالمنزل يوم 25 يناير كما ضاع البعض فى 11 سبتمبر.

و قررت ان استرجع ذكرياتى فى هذا اليوم لعلى قد أكون اصيبت بمرض الزهايمر فلا أتذكر و لا أعرف كنت فين يوم 25 يناير.

و اكتشفت وقتها إنى كنت نايم فى سابع نومة و استيقظت على صوت جرس الباب و خبط البواب المزعج الذى أعطانى الخضار و الجرائد و تأكدت بعد ابتسامته البهية أننى كنت أعيش كابوسا و من يومها قررت أن أكتب فى مفكرتى أين كنت و مع مين و كله يتم تحديده بالساعة و التاريخ تحسبا لأى طوارىء.

بالحق نسيت أقولك إنى ساكن فى مكان من غير بواب و دمتم سالمين.

2011/01/25

شعب لا يموت

إن إدراك النجاح فى الحياة لا يأتى بالكلام أو الرسم على الجدران.
فالحياة لا تعتمد على الشعارات و مجرد التخطيط و التمنى.
إن الحياة لا تكون جنة إلا إذا أراد أفرادها أن يقوموها للأفضل ..    و هذا لا يرتبط بعبارات رنانة تجذب فقط من يسمعها .. و إنما لابد أن تتحول هذه الشعارات و الكلمات إلى واقع يقوم به من يريد أن يرى الحياة التى يعيشها حياة لا يسعد بها وحده و إنما يسعد بها الجميع.

و لكى يحدث ذلك فواجبك أن تواجه مشكلاتك بأفضل الحلول لها و هنا لا يجب أن تظل بعيدا مجرد ظل لا دور له بل ادخل فى لوحة الحياة التى تعيشها ماسحا لما يشوهها و مستخدما الألوان التى تغيرها للأفضل.
لقد صدقت مصر بشعبها أثبتت للعالم ..و لكل نفس طاغية تدفن رأسها فى الرمال .. و تعمى بصيرتها عن الحقيقة أننا شعب لا يموت .. حتى و لو لم نفعل أى شىء .. فقد أكدنا أن الفلب المصرى الأصلى ينبض و لا تغيب عنه الروح.
تحية لكل من نادوا بحقوق مصر من أيام صلاح الدين و قطز و أحمد عرابى و مصطفى كامل و محمد فريد.
تحية لمن دبوا روح الحماسة فى نفوس المصريين أمثال بيرم التونسى و عبد الله النديم و صلاح جاهين.

تحية لكل أم مصرية ربت أولادها على قول الحق فجعلت عيونهم غارقة فى حب العدل لا ترى بدونه.

تحية لآباء خرجوا يدافعون عن مصر حتى يأتى أولادهم من بعدهم ليعيشوا شرفاء أحرار لا يعرفون الخضوع و يقدمون للتاريخ شهادة ميلاد لا تتغير فيها العناوين بل تثبت على بيان واحد .. محو الطغيان .. محو الفساد .. محو الاستبداد و الاستعباد.

فى كل زمان تأتى لحظة يولد فيها الشعب من جديد ليؤكد أنه لا يموت بل تسرى دماء الحياة فى عروقه .. يأبى الظلم و يعشق العدل الذى إذا ساد كانت السعادة فى البلاد.

إننا شعب لا يحنى رأسه و إن سكت صوته و خضع فهذا لموته الذى يتحول إلى حياة جديدة تبعث الأمل و لا تمشى فى طريق الغياب و إنما نسير على البيت الذى يقول : يا إخوتى الذين يعبرون فى الميدان مطرقين .. معلق أنا على مشانق الصباح .. و جبهتى بالموت محنية .. لأننى لم أحنها حية.


2011/01/21

اوعى تفهمنى صح




أحيانا تاتى للواحد أحلام لا يعرف نوعها و هل هى كوابيس مثل زعابيب أمشير ام انها حلم سعيد نميس ؟

ما علينا ففى الحلم الذى شاهدته و كانت الأجواء بديعة حيث كانت تظهر بصدرها ترتمى على سريرها و تنتظر لمسة.

 أعتقد انك لو كنت متواجدا معى داخل هذا الحلم فستكون اللمسة من شفتيك.

لقد مدت يدها على هذا الصدر الأبيض الذى له لذة لا تستطيع ان تقاومها و بدأت تدهنه بأشياء جعلته يلمع و كلما زاد بريقه زادت الدماء فى عروقك ساعيا إلى القفز عليها لا تجعلها تفارق يديك ثم .......   .

شوفت الجمال و سوء الظن الذى يلعب برأسك الآن و يجعلك تقول : إنه كاتب أبيح .. و أرد عليك : تبين يا عزيزى و لا تسرع فى اتهاماتك .. و هيا بنا نستكمل القراءة حتى تعرف توصيفى جيدا .. و هل الأباحة عندى أم فى خيالك؟!


المهم حركت يدها بخفة و أعادت ما تفعله كل يوم من إعادة قول مقادير الطبيخ الذى تصنعه فقالت : نحط الفرخة فى الفرن بعد ما ندهن صدرها كويس و تكون الصينية مليانة بشرايح البطاطس و بصل عشان اللى بيحب يغمس و تستوى لمدة ......   .

شوفت إنك ظلمتنى بسوء ظنك و إن الصدر ما هو إلا صدر فرخة.. هذا الصدر الذى ضربته فى خيالك ربما بصاحبة ملحمة "بوس الواوا" أو صاحبة الأزواج الخمسة أو غيرهن من النسوة صاحبات الطلة البهية.

و ما كان يلمع و يزداد بريقا عبارة عن سمن و زبدة و غيرها من لوزام نضوج الطعام.

و السرير ما هو إلا صينية ستوضع أمامك .. و أنت تقبل بشفتيك من تجلس عليه..الفرخة طبعا..بالتحديد صدرها الذى سيمر من شفتيك إلى لسانك ثم يستقر فى معدتك و بالهنا و الشفا.

2011/01/20

حريقة .. حريقة

يا سيدى قال لك واحد حرق نفسه فى تونس بسبب قلم نزل على خده من واحدة تشتغل فى الشرطة و بالتحديد كانت الهانم من البلدية و منعت المحروق إنه يشوف لقمة عيشه وصادرت عربية الخضار التى كان يسرح بها.

عنها و حصلت ثورة من الشعب سموها "ثورة الياسمين" و هرب الرئيس التونسى و فضل طاير حيران مش عارف ينزل فين إلى أن كرمه المولى بضيافة دولة خليجية يتجمع فيها الحجيج على عرفات كل عام.

و كل الصحف و القنوات اشتغلت على الحدث المهم و بقت تونس الخضراء على سطح الأحداث و أبيات عمنا أبى القاسم الشابى فى بؤرة المقولات و المقالات و انتشرت كلماته و هى : إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر .. و لابد لليل أن ينجلى و لابد للقيد أن ينكسر إلى أخر هذه الأبيات.

و خرجت التهانى للشعب التونسى لثورته على الطغيان و الاستبداد و قيامه بإحياء العروبة و التأكيد على أنه مهما طال الحكام فى الكبس على أنفاس شعوبهم لمدد لا يعلم الله متى تنتهى فإن الشعوب لا تموت.

و انطلقت دعوات الملايين تخاطب السماء .. الكل فى أوطانه يتمنى زوال المستبد و القضاء على عصابات الفساد التى نهبت و سلبت و جعلت الفقير يزداد فقرا بينما ينعم الطغاة و يكتوى بنارهم من يستظل بحكمهم.

و المهم بقى انتشرت حكاية الحرق الانتحارى فى البلاد و كأن الناس كانت فى انتظار حرق الشاب التونسى لنفسه لتخرج مقلدة إياه و خرجت نفس الوجوه التى لا تتغير سواء فى وجودها أو فى كذبها و اعتقادها أن المستمع ساذج و طمأنتهم أن البلاد محصنة و أى كلام عن عدوى قيام ثورة أو الذى منه هو كلام فارغ و نحن لا نشبه ما حدث فى بلاد الرئيس المخلوع.
و تعالى نستمع لبعض من الحوارات على شاكلة و دينى لو ما اتجوزتوا لأولع فى نفسى .. و رحمة والديك إن كانوا حييين أو ميتييين لأدلق على نفسى بنزين و أولع فى نفسى عشان تستريحوا.

بقراءة بسيطة لهذه العبارات التى تجد ان ناطقها قد ضاق بالحياة لأن مطلبه لم يتحقق فيقرر على الفور أن يحرق نفسه.

مع إن المفروض بكل عقل و بساطة دون فلسفة أن تقوم بإحراق من يضايقك حتى يكتوى باللهيب بينما أنت لو حرقت نفسك فستكتوى بالنار فى الدنيا و ستدخل الآخرة مرميا فى النار لأنك على انتحار و الله أعلم.

فلماذا لا تحرق من يضايقك و تولع فيه بجاز بدلا من حرق قلب أهلك و محبيك؟

ربما ستخبرنى أنك تحرق نفسك و لا تحرق من يجعلوك "تشيط" لأنه يصعب الوصول إليهم .. و سأرد عليك بأنك استسهلت حرق نفسك بسهولة و رفضت أن تدخل فى سين و جيم إذا حرقت الآخرين.

سترد لتسألنى : ما العمل؟

و سأجاوبك بضرورة التخطيط و التنفيذ للوصول لطريقة جهنمية فى حرق من جعلوا الكبريت رفيقك لا لكى تشعل سيجارتك بل لتشعل نفسك.

ستقول الآن إن هذه دعوة منى لحرق و توليع كل من يفقع مرارتك بكلامه و يجعلك تحتاج إلى أدوية ضغط و سكر حتى ترجع لحالتك الطبيعية..هذه ليست دعوتى و لكنها دعوة منى إليك قبل أن تفكر فى حرق نفسك أن تنتبه ربما ترى اشياء كانت غافلة عنك كفكرة حرق من يضايقك أو أن تصبر و تفكر فى طريقة أخرى لا تجعلك ترتمى فى التهلكة.

و سأخبرك وقتها أيضا أنك ستدخل فى سين و جيم و كلبشات فى يديك و محكمة و سجن و احتمال إعدام إذا ثبت قيامك بالفعلة الشنيعة و حرقت من يعكننون عليك مع سبق الإصرار و الترصد.

إذن أين الحل؟
تحرق نفسك أم تحرقهم؟

أقول لك : إذا كان اكتوائهم بنارك سيشفى غليلك فافعلها بدلا من أن تشوى جسدك و تتركهم يمشون على بقاياك من الرماد المتفحم..و لكن كل ما عليك أنت تثبت انك "مختل" قبل أن تنوى التوليع فى الذين جعلوك تفقد وعيك فتقرر حرق نفسك..و  سترحمك تهمة المختل من السين و الجيم و قعدة السجون.

تذكر جيدا هذه ليست دعوة منى بأن تنتحر أو تحرق أحدا لا سمح الله فما عليك إلا أن تصبر و تصابر و تجاهد بأضعف الإيمان و لا تحرق نفسك و تترك لهم الدنيا .. فربما يأتى اليوم المبارك الذى لا تنتحر فيه و لا تحرق فيه أحدا بل تجعلهم هم من ينتحرون و يتركون الحياة كما فعل نيرون الذى جلس يغنى أثناء حريق روما الشهير كما تقول بعض الروايات و لكن الشعب ثار عليه و حاصروه إلى أن قرر الانتحار مخلصا نفسه من عدالة شعبه.

و لا أجد خاتمة أفضل من كلمات عمنا أحمد فؤاد نجم عندما قال : اللى سرقها و اللى حرقها .. بكره العشب هيخرب بيته.

2011/01/14

أنا فهمتكم


وصلت رسالة المحتجين التونسيين الذين اعترضوا و احتجوا على ضعف الأحوال المعيشية و غلاء الأسعار و زيادة البطالة و المطالبة بإصلاحات تنشر الحرية و الديمقراطية و مع توالى احتجاجاتهم يوما بعد يوم و سقوط عشرات القتلى و الجرحى .. يخرج رئيسهم التونسى زين العابدين بن على.. و يرد عليهم خلال كلمته الأخيرة قائلا: "أنا فهمتكم".

لقد نطق الرئيس التونسى بلسانه "سأعمل على صون دستور البلاد واحترامه، ونحب نكرر هنا، وخلافا لما أدعاه البعض، أني تعهدت يوم السابع من نوفمبر بأن لا رئاسة مدى الحياة، لا رئاسة مدى الحياة، ولذلك فإني أجدد الشكر لكل من ناشدني للترشح لسنة 2014 ، ولكني أرفض المساس بشرط السن للترشح لرئاسة الجمهورية".

أنظر إلى تكرار الجملة "لا رئاسة مدى الحياة"..إنه يؤكدها على الملأ و يعدهم بعدم الترشح هكذا يفهم من الكلام..صحيح أنه ظل مستريحا على كرسى الحكم فوق العشرين عاما لكنه قرر فى النهاية عدم الترشح و لم يعلن أنه سيظل فى سلطته ما دام فى الصدر قلب ينبض و نفس يتردد.. و استطاعت تونس بشعبها أن تطبق أغنية حماده هلال "و الله و علموها الرجالة" فرضخ رئيسهم لمطالبهم.

نفس هذه الاحتجاجات و الأحداث فى تونس خرجت عليها تعليقات مصرية تؤكد أننا الشعب "المسالم بطبعه" كما جاء على لسان الدكتور محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية الذى يحاول أن يدخل الأمان على حكومتنا المباركة و يحاول أن ينفى وجود ما يعكر صفوها مؤكدا بقوله " إن ما يمكن أن يثير القلق هو ما يتردد فى وسائل الإعلام حول عدم وصول ثمار الإصلاحات الاقتصادية فى مصر لجميع المواطنين".

يلخص معالى الوزير القلق المتوقع بشعور الشعب بعدم حصوله على ثمرة من ثمار الإصلاح الاقتصادى .. و أضيف من عندى الشعب المطحون محدود الدخل الذى يتمنى على الله أن يمر عليه يوما و فى بيته كل ثمار الإصلاحات و يعيش و يشوفها بأشكالها و ألوانها و يتعرف عليها و يذوق حلاوة طعمها و يشعر بها عن جد و حقيقة..فلا يجب أن يكون الشعور دائما لدى الحكومة و الحزب بكل ما يحدث..بينما الغلابة لا يشعرون و كأنهم فقدوا حاسة الإحساس..فالإحساس نعمة فما يسمعه الشعب الكادح يختلف عما يراه.

و وفقا للمنشور على موقع اليوم السابع بتاريخ 13 يناير 2011 أجد خبرا يشير إلى أنه "  استبعد د.بطرس بطرس غالى رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان حدوث مظاهرات للعاطلين فى مصر كما حدث مؤخراً فى تونس، مشيراً فى تصريحات له اليوم إلى أن الديمقراطية تختلف من بلد لبلد، والعالم العربى ليس شعباً واحداً وهناك فروق كبيرة بين الدول".
أى أنه بصريح العبارة لن تشاهد مصر حماها الله ما حدث فى تونس.
فلو كنا أمة عربية واحدة تهتم بأمجادها بالفعل و ليس بالشعر و الغناء..نقيم تعاونا فى كافة المجالات و ليس فقط بالدعوة إليه.

وعلى الرغم من أننا يجمعنا لسان عربى مبين مع اختلاف اللهجات إلا أننا نظل بلا اتفاق لا سوق عربية موحدة و لا كلمة واحدة بينما أوربا باختلاف لغات شعوبها تقيم السوق الأوروبية المشتركة تسعى كل منها لنجدة الأخرى فى عز الأزمات الاقتصادية و على رأى أستاذنا محمود عوض رحمه الله "مساء الخير يا أوربا..صباح الخير يا عرب".

و بالتالى طالما أن العرب لا يجتمعون على كلمة واحدة فلا يقلق الحكام العرب لأن ما يحدث فى تونس ليس بالضرورة يحدث لديهم حسب الكوميديا السوداء التى نعيشها..لأننا لو كنا على كلمة واحدة لكان ما حدث فى تونس..حدث فى شقيقاتها من الدول.

لكننى أذكر نفسى بالتاريخ أن ثورة يوليو 1952 نجحت فى التحرر من الاستعمار الانجليزى و أخذت البلاد تسير على نهجها..تونس تتحرر من فرنسا و بالمثل الجزائر..فهل ما حدث فى تونس تسير عليه بقية الدول العربية؟
و ترد جريدة الجمهورية على صدر صفحتها الثالثة يوم 12 يناير 2011 بالعنوان التالى : ( رشيد محمد رشيد لـ الجمهورية:مصر "محصنة" ضد أحداث تونس و الجزائر..).

و هذا العنوان خرج قبل يوم من كلمة الرئيس التونسى التى أعلن فيها ضرورة إجراء الإصلاحات فى البلاد..و ما كان يقصده الوزير رشيد يتعلق بأحداث الاحتجاجات التى اندلعت فى تونس و الجزائر.

لكننى أقف عند كلمة محصنة..و أتساءل هل مصر محصنة و أخذت الحبوب و أمصال اللقاح لمنع أى عدوى من الانتقال إليها؟
و أتذكر يوم إقالة وزير التربية و التعليم الدكتور يسرى الجمل..كانت صورته تظهر و هو يحصل على مصل انفلونزا الخنازير و بعدها خرج من الوزارة..و لا أقصد هنا لا سمح الله أن كلمة محصنة ستكون ذات وجه مشئوم فتظهر و تخفى من يقرب منها.
هل الشعب مسالم بطبعه و لا يسير على مبدأ اتقى شر الحليم إذا غضب؟

هذه الأسئلة تحتاج إلى إجابات لن يعرفها إلا من يسعى دوما نحو الحرية التى تحقق الخير لمجتمعه لا مجرد رفع شعارات و النداء بكلمات حنجورية و اتجاه نحو النفاق بأن الأمر فى غاية التمام..حتى بديهيا على من يرددون ذلك أن يعرفوا مبدأ الكمال لله وحده.

هل ما نسمعه و نراه من ضيق المطحونين فى مصر من الحياة و الغلاء و السعى لحياة أفضل..و كثرة الحديث عن هذه الموضوعات مجرد أمور لم نستطع توصيل شكواها لمن يهمه الأمر فلم يفهم رسالتنا؟ أم وصلت الرسالة فلم تجد اهتماما أم وصلت و جارى الاهتمام؟
إن الرئيس التونسى أعلن أن الحقائق كانت مغيبة عنه فوصلت الأحوال من سىء لأسوأ.
إننى أخشى أن ما نعيش فيه يكون بسبب غياب الحقيقة..فنصبح غير مبصرين لحالنا.
و لك الله يا مصر.



2011/01/03

حتى لا نبحث عن سراب

إذن تعرضت مصر لحادث إرهابى .. جريمة شنعاء .. عمل يستهدف وحدة المصريين .. أطلق ما شئت من مسميات تؤكد و بشكل كبير أننا فى حاجة لوقفة مع النفس.

هذه الوقفة لا يجب أن تجلس بعدها مرددا نغمات : عاشت الوحدة الوطنية .. و يحيا الهلال مع الصليب .. و كلنا مصريين .. و غيرها من الشعارات التى نرددها فى كل أزمة و لا يتغير شىء.

الفكرة كلها لا ترتبط بمثل هذه الأمور التى لا تحتاج مرارا و تكرارا أن ننطقها كالببغاوات دون أن نعمل بها كمثل الذى يضع حزام الأمان قرب أى لجنة مرور و بعدها يترك الحزام إذا مر مرور الكرام.

الموضوع يتلخص فى أن يزيل كل منا عداوته للطرف الآخر لا يفكر فى ضرره و إنما يسعى بصدق أن تتشابك الأيادى على اختلاف أطيافها لإعلاء الوطن "حقا".. بدلا من خروج صور تتشابك فيه أيدى الطرفين ممزوجة بابتسامة لا يعلم حقيقتها سوى الله و صاحبها إذا كانت عن اقتناع أم لا؟

القصة و ما فيها عندى و عندك إذا كنت تحب الخير للبلد التى تغنوا لها و لا غناء العروس فى ليلة فرحها فعليك أن تجرى إلى صوت العقل بعيدا عن خطب تؤجج مشاعر البغضاء للطرف الاخر و مواعظ تدعو لحرب مع من يجاورك و يختلف معك فى العقيدة.

فقط أدعوك معى للتأمل حتى نطرح سؤالا قد تتفق معى فيه و قد تختلف لكنك فى النهاية تسعى بلا شك إلى مجتمع تسير فيه آمنا لا تخشى أن تخرج واضعا يدك على قلبك ساعيا إلى عودتك بسلام.

و السؤال يدور حول : المستفيد من بعض الخطابات الدينية التى دعت على سبيل الذكر إلى ضرورة مراجعة القرآن الكريم بسبب تحريفه أو تفتيش الكنائس المليئة بالسلاح و مرت مثل هذه الدعوات و إذا كان على أصحاب مثل هذا الكلام أن يؤكدوا صدقه فعلى المسئول عن وحدة الصف ألا يدع مثل هذا الكلام الذى هو شق فى جدار الوحدة التى يحميها يمر هكذا إذا كان زيفا.. لكن ترك الأمور بصورة "مايعة" كمثل الأب الذى يترك لزوجته قيادة البيت و يترك لها دلع بنتها التى هو والدها فتضيع البنت و يعود الأب فيلقى جام غضبه و كل اللوم على الأم رغم أنه المسئول الأول و الأخير عن كل فرد فى بيته.


و برأيك هل المستفيد من ذلك الكلام أعجبه الحال فاضطر أن يلهى الناس فيه حتى يطبخ ما يريد من أمور تشغله تجعله يجرى وراء منصب و عضوية فى مجلس فيدخل هو بكامل النزاهة التى يدعيها و يغرق نفس الناس البسطاء أو المغيبون أو الخاضعون أو الصامتون أو الطيبون فى بحر من الصراعات الطائفية؟

من ناحية أخرى إذا كانت القاعدة هى المسئولة عن الحادث فهذا يشير أننا وسط الغرق فى مشاكلنا الاجتماعية و السعى نحو تخفيض أسعار لخضروات و لحوم و أرز و نفقات علاج و شقق و غيرها من كافة الأمور التى يسعى البنى آدم للحصول عليها لم نهتم أيضا بما يحيط حولنا من تهديدات و أخطار بل كعادتنا انتبهنا بعد فوات الأوان.

هذا أيضا يؤدى للإشارة لأقرب عدو و مدى استفادته من هذا الحادث فهو قريب باتفاقية سلام عدو بحروبه و سعيه دائما لردع أمنك..إنها إسرائيل التى تلعب فى الخفاء و العلن ليس هذا عن قوتها و ضعف من حولها فهى على رأى أستاذنا الكاتب الصحفى رحمه الله محمود عوض ليست بميكى ماوس و ليست رامبو..فلا نستبعدها و لا نعظم من قوتها.
هذا يعنى أن كل الاحتمالات واردة لا يجب أن نسلم بأمر دون الآخر بلا لابد من البحث و التقصى حتى تظهر الحقيقة وضوح الشمس فلا نسلم ان الحادث من صنع القاعدة رغم الدلالات من تهديدات بل علينا إعمال العقل حتى لا نبحث عن سراب.

إن الأفكار متنوعة متداخلة منها من يتناول دور الأمن فى هذا الحادث و واجبه فى حماية الآمنين و أخرى تحمله المسئولية لأنه يؤمن حفلات و مباريات و لا يهتم بدور العبادة المستهدفة و هنا يصعب الأمر فعلى الأمن أن يسير هنا وراء كل واحد و يكون مثل ظله ليمنع أمرا كان مفعولا و أؤكد لك هذا ليس دفاعا منى عن الأمن فهذا واجبه أن يحمينى قدر المستطاع فلا يهتم غالبا بأمن المهمين بل بأمن الجميع مسلما كان أو مسيحيا.

 لا يكون الأمن مهتما بترهيب النفوس و تكميم الأفواه و منع الحرية طالما أن الرأى لا يتجاوز و يهدف لمصلحة الجميع فالحكاية ليست تمردا لمجرد التمرد و إنما السعى بالحرية لنهضة المجتمع القائم على فهم لدين الآخر يهتم بمشاعره يراعى الله بعيدا عن المظاهر وقتها و فقط لن يكون هناك إرهاب يركب رأس ضعيف النفس ليقوم بجريمته كما لن يكون هناك من يهتم فقط بأمنه و لا يؤمن من حوله.

هذا الحادث لا يجب أن يمر بتنديد و رفض و شجب ثم هدوء كعادة كل أزمة فمن يريد العلاج لا يتجه فقط إلى الرب الكريم بالدعاء و لكن عليه أن يشخص الداء بنفسه حتى يجد الدواء.

رحم الله الشهداء.