2011/06/30

الشعب أولا



تعددت الأصوات و اختلفت الرؤى و الأفكار حول قضيتين و لكل منهما شعار الأولوية.

هل بعد قيام الثورة فى مصر نبدأ بالانتخابات أولا أم الدستور أولا؟

لن اسرد هنا وجهات نظر كل طرف مؤيد لقضيته و مبرراته التى يستند إليها لكننى أريد التوجه هنا إلى الطرفين من أنصار شعار "أولا" و أطالبهم بعدم تهميش الشعب.

فالأطراف الساعية إلى خير البلاد سواء بالدستور أو الانتخابات يتحدثون و يدخلون فى نقاشات دون النظر للمواطن العادى الذى نشف ريقه حتى يحصل على الحرية من نظام مستبد.

و السؤال هنا:هل تمت معرفة رأى المواطن البسيط الذى يرتدى الجلابية و الطاقية و يجلس مفترشا على تراب الأرض الذى يعشقه و هو يبيع ما لديه من حزم الجرجير و البقدونس؟

هل تم سؤال صاحب القميص الأبيض الذى يجرى للحاق بالميكروباص حتى يصل عمله قبل انصراف موظف "القبض" للحصول على جنيهاته المعدودة المبروكة القادرة بقدرة قادر أن تدفع  الايجار و الفواتير للمياه و الكهرباء و أخيرا كروت شحن الموبايل إذا تبقى معه مبلغ و قدره أو شحن بتلاتة جنيه على ما ربك يفرجها؟

هل سألنا أم محمد التى تقف فى خنقة طابور "العيش" كل يوم حتى تستطيع و هى باسمة راضية أن تشترى بنص جنيه لعيالها و أبو محمد و ربنا يسترها عليهم من كرمه؟

ليست الثورة حكرا على أحد من الطرفين، سواء كانوا من أصحاب الدستور أولا أو الانتخابات هى الأساس، ليس التحرير هو الميدان الذى أعطى لكم حق الكلام باسم الثورة فلا كان هناك أى دفتر للحضور و الانصراف يتم الإطلاع عليه فنعرف من شارك و من لم يشارك و لذلك تمشى إرادته.

لم نخرج من ميدان التحرير بكارنيهات عضوية مكتوب فيها شارك فى الثورة من الساعة كذا و فى ظهر الكارنيه يوجد ختم و إمضاء بتوقيع المشرف العام على الثورة.

الثورة يا سادة و مستقبل البلد فى يد كل مصرى و مصرية، الثورة ليست فى المهارة القادرة على الوصول إلى الشاشات التليفزيونية و الحديث بنبرة القائم على إدارة شئون البلاد، فمصر ليست قناة فضائية نتكلم عن مصيرها فى البرامج.

مصر الحقيقية فى الشارع و بين الناس البسطاء فى الريف قبل الحضر، مصر الحقيقية فى كل حارة مليانة بالناس و داخل كل شارع فيه ضحكة الناس بفانوس رمضان و فسيخ شم النسيم و كحك العيد.

يا من تنادى بالدستور أولا و يا من تطالب بالانتخابات أولا، ليست القصة فى يدكم وحدكم لأنه هناك شعب حقيقى غير قادر على الظهور مثلكم عبر البرامج و المكلمات التليفزيونية التى تنعمون فيها بالتكييف الذى يصاحبكم أيضا فى سيارتكم و ربما فى بيوتكم أيضا.

هناك شعب قادر وحده على تقرير مصيره فلا تهمشوا دوره حتى لا تظهرون كنسخة شبيهة من النظام السابق الذى كان يقرر و يفعل دون النظر لآراء الغير.

ليست المعركة على عروسة يسعى عريس و آخر للزواج منها، إنما القصة مصر و الحكاية إرادة شعب فلا تكون نظرتكم له نظرة إلى خيال المآتة.

الشعب قادر على الاختيار و قادر على صنع المعجزات إذا اكتشفنا الحقائق دون مبالغات و تهويل و تضليل، الشعب قادر عندما يكافح بالجهد و العمل لا بالكلام و الشعارات التى تذهب فى الهواء دون فائدة.

أحمد الله على أننى من هذا الشعب العظيم و أشكر كرم الرحمن فى جعلى من أبنائه البسطاء الذين يعرفون انقطاع الكهرباء بالساعات و المجارى التى تطفح بالأسبوع و لا حس و لا خبر و لا ظهور للمسئول.

لست من الذى كتب لهم الخروج من تكييف السيارة إلى تكييف المكتب إلى تكييف الاستديو و هذا لا يعنى أى حقد طبقى نحوكم فالأرزاق على الله و متساوية بين الجميع بعدله.

كل ما هو مطلوب سواء كنت مع الدستور أولا أو الانتخابات أولا ألا تنسى الشعب خصوصا إذا كنت قادرا على التأثير و صنع ما لا يقدر عليه المواطن العادى البسيط.

هناك تعليقان (2):

Nano Masrya يقول...

يا ريت بس القوى السياسية تفهم ان الشعب أهم من كل ده

nachoua يقول...

ممتاز يا معتز. وموافقاك تماما بغض النظر عن مطالبتي بالدستور اولاً. والحمد لله ان كتير من الناس ادركوا كلامك ده ودعوا الي تناسي الاختلافات دي والتجمع يوم ٨ يوليو حول نقاط التوافق وشعار مصر اولاً.
شكراً علي البلوج.