2011/09/24

اصحى يا مصرى

إذا أردت ان تلهى شخصا عن موضوع يشغلك و يطلع عينك و يصيبك بوجع الدماغ و الصداع المزمن فماذا تفعل؟

إما أن تحكى له بصراحة و تفضفض معه و إما ان تدخل معه فى حديث عن موضوع آخر يجعلك تنسى ما بك و يجعله ينسى ما يسألك عنه.

هل تتذكرون شعار : لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ؟

كان هذا الشعار ينتشر فى القرن الماضى لدى الأوساط المصرية حتى يلتف الشعب نحو فكرة واحدة و هى مواجهة العدو الاسرائيلى و حشد كل الطاقات و تقليل النفقات من أجل خاطر المجهود الحربى و أى شىء آخر نحلم به و نريده فلا نسأل عنه حتى نحقق النصر فى الحرب.

وقتها سعينا إلى الديمقراطية بعد ثورة 1952 و حدثت أزمات عدة مرورا بأزمة 1954 و خروج الشعب فى جو شبيه بالجمعات و المليونيات يطالب بعودة محمد نجيب الرئيس المنسى تاريخه إلى الحكم ثم يتولى عبد الناصر رئاسة مصر و تأتى بجاحة العدوان الثلاثى فيلتف المصريون حول فكرة الكتلة الواحدة و الهدف القومى و بناء السد العالى و الكل فى انتظار الديمقراطية حتى تأتى إسرائيل فى يونيو 1967 لتضرب فى ستة أيام سيناء و الجولان و الأردن و أجزاء من الأراضى الفلسطينية فنضطر عن طيب خاطر و بكل وطنية معروفة عن المصريين من قديم الأزل أن نهتم بمصيرنا و علاج الأخطاء التى جعلتنا نعتقد أن كله تمام بعد سيل الأخبار الهابطة إلينا كخلايا النحل عن إسقاط طائرات للعدو و تدمير للمقاتلات و تحقيق كفاءة منقطعة النظير داخل حرب 1967 و كأننا فرمنا اسرائيل مثل الكفتة.

و لكنها الأخبار التى دست لنا السم فى العسل فلا هى أتت بالنصر و لكنها استحضرت هزيمة جعلتنا فى حالة من الذهول و كان علينا أن نداوى الجراح بعلاج يقف وراء أسباب المرض لا أن نرى مكان الألم فنقطعه عن اعتقاد أن البتر هو الحل.

و ببسالة قدمنا بطولات فى حرب الاستنزاف حتى استطاع المصرى أن يصل بعقل و حنكة و دهاء إلى انتصار أكتوبر 1973 و هو الانتصار الذى لا نريد التقليل من شأنه لأننا قدمنا فى الحرب خير تعبير عن كرامة المصرى و معدنه الأصيل الذى يظهر فى الشدائد.

هذا المعدن الذى استيقظ على اتفاقية سلام رفض الشعب فيها التطبيع مع عدو يتلذذ فى قتل الأطفال و لا يحارب إلا و فكرة المذابح تجرى فى عروقه ، عدو سلاحه الغدر منذ قديم الأزل يدخل فى سلام مع الحاكم و الشعب لم يتدخل فى بنود الاتفاقية.

و لا توجد أمة تحب أن تعيش على دماء أبنائها التى تروى بتضحية تراب الوطن و لكن الأمم تسعى لنهضة بلادها و رد الجميل لأبنائها من الشهداء كما تسعى كل أم لكى ترى ابنها فى الكوشة مع عروسته و بنتها و قد أتت لها بأول حفيدة تقول لها : يا ستى !!

و لأن مصر فى ثورة 25 يناير خرجت تنادى بلسان شعبها :عيش .. حرية  ..عدالة اجتماعية..كرامة انسانية.

فمؤكد أنها تريد رؤية البلاد و من يعيشون عليها فى أحسن حال بلا انفلات أمنى و إنما بشرطة تطبق القانون عن حق و احترام مع الخارجين و الواقفين ضد القانون و تؤدى دورها بكفاءة بعيدة عن نغمة .. عشان تعرفوا قيمتنا.

شرطة تزيل النغمة الخايبة التى يروج لها أنصار الرئيس المخلوع قائلين:و لا يومك من أيامك يا مبارك.

و هؤلاء الذين يترحمون عليه هل سألوا أنفسهم وقتها عن مصر التى كانت غير معرضة إلى حرب كل عشر سنوات كما كان فى العهود السابقة ماذا فعل؟

كبارى و أنفاق و فنادق؟

استفاد منها من؟ و من ربح من خيراتها؟

حضر فى عهد السياح و هم يغرقون أسواقنا المصرية بعملاتهم الصعبة و بالمثل فى قناة السويس و غيرها من خيرات ربنا لكن ماذا فعلت تلك العملات الصعبة؟

هل هى زودت مرتباتك و أنت فى عز الأمن و الأمان الذى تترحم عليه وقت الرئيس المتخلى عن منصبه مبارك؟

هل وجدت علاجا كريما و قد كنت تقف فى طابور طويل عريض من اجل أن تأخذ الدواء الذى يسكن ألمك و يا عالم وقتها كان معك ثمنه أم لا؟

هل تتذكر أنك شاركت مبارك وقتها فى جريمة الحصول على حقك؟

نعم كان الحصول على حقك فى عهده جريمة طالما كنت تطلبه عند استخراج رخصة القيادة أو الحصول على علاج أو إنهاء اوراق بطاقة التموين فقد كانت هذه المصالح لا تنتهى إلا و كان عليك أن تدفع مقابل كلمة .. الشاى بتاعى و كل سنة و انت طيب حتى تأخذ حقك؟

تدفع من اجل أخذ حقك بينما حولك يوجد من ينتسب إلى الدين و يرفض عليك عصيان مبارك فكنت تحتار هل انت على صواب أم خطأ؟

كم أتمنى أن ينفخ الله فى صورة الأزهر حتى ينتشل مصر الغارقة و يظهر على سفينتها من يدعو الناس للتفقه فى أمور دينهم و دنياهم بروح الإمام محمد عبده و الشيخ محمد متولى الشعراوى رحمهما الله فقد كانا يسيران على طريق الهداية و الحق دون خدمة لحاكم أو التفكير فى مصلحة شخصية.

لا تيأس أيها المصرى و تفاءل بالخير و طالب بحقك بصنعة و حرفنة لا يقابلها أحد بحجة أننا فى أحوال سيئة و مهببة فى الداخل و الأوضاع سوداء من الخارج.

ليست هناك تعليقات: