سلاحه يبقى دائما فى يده فهو يدفع من أجله الكثير حتى يقدم
لنا بأسلوب رشيق بديع يتميز بالعبارات اللاذعة صورة تحلل واقعنا بعمق و صدق.
مرحبا بنور عيونكم التى تقرأ سطورنا.
يظل محمود عوض فارسا متمردا لوجه الله بسلاح يتكون من
ثلاث أحرف و يدعى "قلم" يستخدمه فى خدمة القراء من الكبار و
الصغار ليكونوا على دراية بمشهد الصراع العربى الاسرائيلى، و ظهر ذلك فى كتب عدة
منها كتاب "و عليكم السلام" الصادر عن (دار المستقبل العربى)
فى مجموعة من الأوراق تتخطى 500 صفحة و كلها تعرض للقارىء موضوعا يثير الجدل
دائما.
إنه موضوع: السلام بين العرب و إسرائيل.
يجذبنا محمود عوض من أول مقدمة الكتاب بعبارة بليغة
تنطق بصوت هادىء : "إذا كنا قد عجزنا عن ان نكون أسود الغابة .. فهل حكم
علينا أن نكون فئرانها ؟!".
كلمات بسيطة لكنها تفتح لك الباب من البداية حتى تقف على
أعتاب قضية تشغلنا منذ قديم الأزل و حتى الآن نتساءل عنها و نكرر: "ما هى
قضيتك، و قضيتى، و قضية جيلنا كله؟ ما هى قضيتنا بالنسبة لاسرائيل؟".
تتساءل عن هذه القضية و تريد أن تعرف: ما الذى دفعنا
إليها؟ و كيف ننتصر فيها؟ و لماذا علينا أن نعيش فيها دائما؟ و ما هى القضية التى
نشتبك فيها مع إسرائيل؟
أسئلة عديدة يجيبك عليها عندليب الصحافة المصرية و
يرد ببساطة شارحا لك القضية بأنها "دولة أصبحت فجأة على حدودنا. و من هناك
قفزت مرة و مرتين و عشرين مرة لكى تحتل أرضنا و تحصد أرواح شهدائنا".
"القضية هى دولة تملك أهدافا مناقضة تماما
لأهدافنا".
هنا علينا أن نضع نقطة و نبدأ من أول السطر لأن الكاتب هنا
يشير إلى قضية نرتبط بها بحكم الجغرافيا و التاريخ مع شعب يقول عن نفسه أنه : "شعب
الله المختار"، و يلعب بالنار من أجل تحقيق أهدافه بل يصل لحد القتل و
الدماء تلطخ يديه بسلاح الراعية له بلد العم سام.
شعب يأخذ الأرض بناء على وعد بريطانى و ينفذ أهدافا تخالف أفكار
من يشتبك معهم فالمهم الحصول على الأرض حتى و لو كلفهم الأمر قتل "تلاميذ
مصريين صغارا فى مدرسة (بحر البقر) على بعد كيلومترات من عيوننا، تلاميذ لم يكن
عقلهم يستوعب بعد أية أفكار عن ابليس أو الشر أو اسرائيل".
صورة أخرى من الأهداف المناقضة بشكل مختصر يقدمها لنا كتاب "و
عليكم السلام" لاسرائيل التى تخالف و تدمر و تقتل و تستوطن بينما "نحن
لم ننسف مرة واحدة محطة كهرباء فى إسرائيل و لا قتلنا مهندس رى و لا حاولنا نسف
قنصلية بريطانية أو مكتبة أمريكية فى اسرائيل، و لكن اسرائيل فعلت هذا كله فى
أرضنا".
و السؤال هنا هل نسامح اسرائيل على ما تفعل؟
مؤكد أن الآراء ستختلف حتى و لو اتفقت على كلمة واحدة لكنه
سيبقى لكل منا فكر معين يتعامل به لكن ماذا عن رأى محمود عوض؟
يخبرنا المتمرد لوجه الله بضرورة أن يعرف العدو أنه إذا أراد
التسامح منا فعليه أن "يعرف أننا نستطيع أن نتسامح و نستطيع العكس، ثم لكى
نتسامح يجب أولا أن نبقى على قيد الحياة يجب أن يكون تسامحنا مضمون بقوتنا و ليس
خارجا من قبورنا".
و يحسم بعباراته البليغة الجدل قائلا : "إن القضية
لا تتعلق بمكافأة أو صورة تذكارية يحصل عليها نفر و فوقها جملة (المسامح
كريم)".
"القضية تتعلق بمصالح مصر العليا، تتعلق بحريتنا و
كرامة الجيل التالى من بعدنا، تتعلق بأمن مصر الذى يمثل أهم مصالحها على
الإطلاق".
إذن يسطر لنا كاتبنا الكبير أصل القضية و أصل المبدأ الذى
يجب أن تعيش عليه مصر، و هو امتلاك إرادة حرة قادرة على ردع أى بطش موجود.
إرادة تمتلك القوة التى واجهت مستعمر بريطانى لديه
"200 ألف جندى مسلح فى مصر" و نحن شعب أعزل من السلاح".
قوة اعتمد عليها الشعب الأعزل من السلاح و استطاع
"قلب المائدة فوق رأس الامبراطورية الضخمة، و جعل جنودها المدججين بالسلاح
يرتجفون رعبا لشهور عديدة بغير أن تسعفهم أسلحتهم".
قوة شعب أراد فاستطاع هزيمة نظام مبارك فى ثورة 25 يناير
و كانت فكرة مواجهة رجاله المحشوة بالسلاح فكرة خيالية لكن الشعب الذى يريد قضى
على أسطورة هشة.
و لك فى العودة إلى ميدان التاريخ أن ترى المصرى عندما
يريد فيفعل طالما كانت تسبقه الإرادة و من فوقه كرم ربه.
يرحمك الله يا أستاذ محمود.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق