يستقبله الأهل و الأحباب فى آخر يوم من شهر سبتمبر فى عام 1959 و تبدأ رحلته مع الحياة.
رجل خرج من منطقة الخليفة بالسيدة عائشة ليدرس فى كلية الزراعة و كأن الامتداد الفلاحى الخاص بعائلته الكريمة يؤثر على مستقبله.
ينتهى من دراسته و كأى شاب يخرج مسافرا فى سعى لتكوين نفسه خاصة و أن العمل شحيح الوجود ثم يعود سريعا ليكون مدرسا للزراعة أو كما يقول .. أعمل مدرسا مع إيقاف التنفيذ .. و لهذا يعتز بلقب المهندس الزراعى.
تراه على شهادة ميلادى و تراه على بطاقتى
الشخصية و إذا امتلكت جوازا للسفر فستراه أيضا.
هكذا يرتبط وجوده معى بأربعة أحرف فى الأوراق الرسمية منذ مولدى و هكذا أظل ممنونا و شاكرا له.
هكذا يرتبط وجوده معى بأربعة أحرف فى الأوراق الرسمية منذ مولدى و هكذا أظل ممنونا و شاكرا له.
إنه والدى "الأستاذ نادى" .. كما ينادونه فى العمل .. أو "عم نادى" كما يقولون له فى الشارع عندما يريدون استشارته فى أمر ما .. أو "أبو ميزو" إذا أرادوا التودد منه و التقرب إليه.
كل منا يعتز بوالده و أظل طوال عمرى معتزا
باسمى :معتز نادى.
أتذكره و هو يحكى عن طفولتى و كيف كان يحملنى و عمرى لا يتجاوز أشهر معدودة و أقوم بإغراق قميصه-(لا يأخذك تفكيرك إلى بعيد)-كأنه يسير فى عز المطر بينما أقوم بمصمصة ياقته بلسان و شفاه العبد لله.
أتذكره و هو يحكى عن طفولتى و كيف كان يحملنى و عمرى لا يتجاوز أشهر معدودة و أقوم بإغراق قميصه-(لا يأخذك تفكيرك إلى بعيد)-كأنه يسير فى عز المطر بينما أقوم بمصمصة ياقته بلسان و شفاه العبد لله.
أتذكره و فى عينيه فرحة ذهاب ابنه إلى
المدرسة و قيامه بالإمضاء على شهادة الشهر التى تتزين بدرجات يرضى عنها و يتمناها
أن تظل هكذا حتى الشهادة الكبيرة.
أراه يعطينى عيدية العيد و يقف جانبى فى صلاته.
أراه يعطينى عيدية العيد و يقف جانبى فى صلاته.
أتذكر دخوله إلى المنزل و معه مجلات
الأطفال التى بدأت معها رحلة القراءة و الكتابة و يعلمنى كيف أشبك الحروف مع بعضها
البعض حتى تتكون جملة مفيدة ثم يعلمنى قراءة ترجمة الأفلام الأجنبية حتى تتعود
عينى على القراءة السريعة و وجدت صعوبة فى البداية ثم بتشجيعه أصبحت اعتاد على
الأمر.
كان يذاكر لى دروسى خاصة فروع العلوم و الرياضيات أثناء المرحلة الابتدائية و مرة قررت ألا أذاكر الحساب (الرياضيات) مرة أخرى لأننى كنت أكره هذه المادة و كان عندما يسألنى فأرد سريعا .. لسه الأبلة ماشرحتش حاجة .. وصلت لحد فين فى الحساب عشان أشرح لك .. الأبلة ماجتش و غايبة .. أصل الأبلة مش فاضية تشرح عشان مسافرة.. و هكذا حتى عدى شهر كامل اكتشف بعده والدى العزيز إن الأبلة تشرح فعلا و لكننى أخفى عليه و وقتها بعد عتاب و شخط و نطر قرر أبى بعد الاعتراف بالخطأ مسامحتى و شرح ما فاتنى من دروس.
لا ينتظر "عم نادى" أن نطلب منه حتى يقدم لنا ما نريد بل يعرف ما نريده و يسعى لجلبه إلينا حتى و لو اضطره الأمر لعدم شراء ما يحتاجه لنفسه بل يوفر ثمن كشفه و علاجه حتى نكتفى، فسعادته التى تظهر من وراء نظارته تكون مرسومة على عينيه عندما يحضر لنا ما نتمناه و فى ذلك تكون صحته متعبة نتيجة السهر فى العمل ليعوض ما يحصل عليه فى وظيفته الأساسية.
يستمع إلى المليارات المنهوبة من رجال العهد البائد و يتعجب ضاربا الأخماس و الأسداس لكنه يردد .. الحمدلله على ستر ربنا .. ثم يتساءل .. مش كان الشباب أولى بالفلوس دى و يلاقوا شغل و سكن و علاج .. الحمدلله على ستر ربنا.
أتعلم منه أن علاقتى بشقيقى و أخى مهاب هى علاقة من الزواج الكاثوليكى لا طلاق فيها و لا تفرقة بيننا و إلا إذا ضاع أخوك بسبب الحقد و الكراهية ضاعت منك الحياة.
تعجز الكلمات عن وصف رجل بسيط لم اختره فى حياتى لكننى سعيد باختيار القدر له ليشرفنى و يكون والدى.
اسمحوا لى أن أتوجه للحاج نادى بالشكر و الامتنان على تربيته لى و أتمنى أن أكون دائما عند حسن ظنه على أمل أن أجعله دائما فخورا بى فى مجال عملى راجيا من المولى عز و جل أن يرزقه الستر و الصحة و العافية و تظل حكاياته و صولاته و جولاته فى مدرسة الحياة بسيرة عطرة أتعلم منها و تكون نورا لى فى سكة الكفاح.
كل سنة و أنت طيب يا عم نادى.
كان يذاكر لى دروسى خاصة فروع العلوم و الرياضيات أثناء المرحلة الابتدائية و مرة قررت ألا أذاكر الحساب (الرياضيات) مرة أخرى لأننى كنت أكره هذه المادة و كان عندما يسألنى فأرد سريعا .. لسه الأبلة ماشرحتش حاجة .. وصلت لحد فين فى الحساب عشان أشرح لك .. الأبلة ماجتش و غايبة .. أصل الأبلة مش فاضية تشرح عشان مسافرة.. و هكذا حتى عدى شهر كامل اكتشف بعده والدى العزيز إن الأبلة تشرح فعلا و لكننى أخفى عليه و وقتها بعد عتاب و شخط و نطر قرر أبى بعد الاعتراف بالخطأ مسامحتى و شرح ما فاتنى من دروس.
لا ينتظر "عم نادى" أن نطلب منه حتى يقدم لنا ما نريد بل يعرف ما نريده و يسعى لجلبه إلينا حتى و لو اضطره الأمر لعدم شراء ما يحتاجه لنفسه بل يوفر ثمن كشفه و علاجه حتى نكتفى، فسعادته التى تظهر من وراء نظارته تكون مرسومة على عينيه عندما يحضر لنا ما نتمناه و فى ذلك تكون صحته متعبة نتيجة السهر فى العمل ليعوض ما يحصل عليه فى وظيفته الأساسية.
يستمع إلى المليارات المنهوبة من رجال العهد البائد و يتعجب ضاربا الأخماس و الأسداس لكنه يردد .. الحمدلله على ستر ربنا .. ثم يتساءل .. مش كان الشباب أولى بالفلوس دى و يلاقوا شغل و سكن و علاج .. الحمدلله على ستر ربنا.
أتعلم منه أن علاقتى بشقيقى و أخى مهاب هى علاقة من الزواج الكاثوليكى لا طلاق فيها و لا تفرقة بيننا و إلا إذا ضاع أخوك بسبب الحقد و الكراهية ضاعت منك الحياة.
تعجز الكلمات عن وصف رجل بسيط لم اختره فى حياتى لكننى سعيد باختيار القدر له ليشرفنى و يكون والدى.
اسمحوا لى أن أتوجه للحاج نادى بالشكر و الامتنان على تربيته لى و أتمنى أن أكون دائما عند حسن ظنه على أمل أن أجعله دائما فخورا بى فى مجال عملى راجيا من المولى عز و جل أن يرزقه الستر و الصحة و العافية و تظل حكاياته و صولاته و جولاته فى مدرسة الحياة بسيرة عطرة أتعلم منها و تكون نورا لى فى سكة الكفاح.
كل سنة و أنت طيب يا عم نادى.