2011/06/02

خلينا نتسلى

إذا أراد الإنسان عبرة فعليه أن يعود لصفحات التاريخ و يرى بعينيه كيف يعز الله من يشاء و يذل من يريد.

نعود لعجلة الزمن فنرى المماليك رغم اشتراكهم فى طرد التتار و محاربتهم حتى أخر نفس و نجحوا فى إنقاذ العالم من خطرهم إلا أنه أتى عليهم الزمن الذى تكون فيه سيوفهم "زينة" و دفاعهم عن الأرض التى يعيشون فيها يكون بالكر و الفر و ترك المصريين وحدهم فى "وش" الحملة الفرنسية.

يخرج الفرنسيون و يأتى محمد على و عينه على عرش مصر، بداخله توجهات و أفكار تريد بناء دولة حديثة يناطح بها أوربا لتحقيق مجد شخصى.

يتولى محمد على حكم مصر و تبقى فلول المماليك موجودة و يراها كابوسا يمنع عنه أحلامه و طموحاته.

و فى ليلة بهية يقرر محمد على أن ينهى الكوابيس بعمل لقاء احتفالى مع المماليك و كلمة منه "مدهونة" بنبرات الثعابين و ترحاب آخرته "هباب"، تصدر الأوامر بالقضاء على الحشد الهائل من المماليك و تحدث المذبحة.

عندها يشعر محمد على أن طموحاته ستكون واقعا لكنه يقع فى النهاية لأنه أراد المجد الشخصى و لم يختر مصلحة الشعب الذى أتى به على الحكم و سلم له الدولة "موزة مقشرة" لا تحتاج سوى المضغ و البلع و الهضم.

تنتهى حصة التاريخ التى غرقنا فيها فى السطور السابقة و نعود لعصرنا الحالى الذى به ثورة أراد الله لنا أن تنجح فى إزالة رأس النظام المستبد لكن بقيت فلوله تلعب على راحتها.

تحصل أى مصيبة يقولك .. الفلول .. حريقة تولع الدنيا .. يقولك الفلول .. ست بيت نفسها حلو و لا يعلى عليه لكنها غير قادرة على إيجاد أنبوبة بوتاجاز تطبخ عليها لحبيبها صينية البطاطس التى كانت سببا فى كتب كتابه عليها فتكون الإجابة الفورية .. الفلول.

بما أننا فى ثورة و نعيش فيها فلنترك الخيال يعيش معنا لحظات.

كل يوم و الذى يليه يظهر حوار هنا و نقاش هناك و مؤتمر عندهم و كلام فى كلام من أجل مستقبل مصر.

و بما أننا فى ثورة و خلى بالك من الخيال الذى أبلغتك به سيظهر حالا، عندما نقرر عمل حوار و لقاء موسع مع رؤوس الفلول.

و فى قاعة محترمة ممتلئة بالكراسى المغطاة ببطاقة صغيرة مكتوب عليها اسم هذا العضو من هؤلاء الفلول التى تنكد علينا عيشتنا و بالطبع تعرف أن هذه البطاقة سيسند عليها هذا الفل بظهره منتظرا لبرنامج الحوار.

تدق ساعة البداية و يكتمل عدد الحاضرين ثم تضاء شاشة القاعة بينما تتوجه عيون الفلول إليها حتى تطالع لقطات مصورة من مشاهد قتل الشهداء الذين خرجوا للهتاف بالعدالة و الحرية و كان رد النظام السابق عليهم بالرصاص و القنابل.

ينتهى العرض القصير لهذا الفيلم المصحوب بموسيقى الضوء الشارد خاصة الجزء "الحزاينى" الذى كان يستخدمه الإعلامى القدير يسرى فودة فى برنامجه الشهير سرى للغاية ثم تظهر رسومات توضح مؤشرات الحياة التى كنا نعيش فيها و هنا يطالع الفلول أرقاما و إحصائيات تغنى بتدهور أحوالنا فى أبسط حقوقنا الصحية و التعليمية و الاقتصادية و فعلا فهذا العصر كما وصفه كاتبنا البديع بلال فضل يعتبر أزهى عصور الحرمان.

و بعد أن يرى كل "فل" هذه اللقطات السريعة .. تظلم القاعة دون مقدمات و لا كأنهم فى الملاهى داخلين على بيت الرعب.

نسيت أبلغ خيالك أن الحوار ينبغى أن يكون مذاعا على الهواء و فى بث حى مباشر حتى يستطيع الجميع سماع الطلقات التى تصطاد الفلول الكئيبة الجالسة بالقاعة حاضرة لحوار خاص بها و حدها.

إذا أردت معرفة فائدة البث الحى فهى تخدم من لم يسعده الحظ لرؤية هذه المذبحة للفلول على أن يشاهدها مسجلة عبر اليوتيوب و تويتر و الفيس بوك و من ناحية أخرى و هى الأهم أن يتعظ كل "فل" مازال حيا و يمتنع عن العبث بأقدار الوطن و يعلم أن له زملاء من الفلول سبقوه عند رب كريم دون أن يسألهم أحد .. تطلب إيه قبل ما تموت؟!

و لماذا نسأل الفلول؟! .. فنحن نسير على كلام رئيسهم السابق .. بنتسلى !!!

ليست هناك تعليقات: