2011/06/19

زميل التختة

رحم الله أديبنا عباس محمود العقاد الذى أثرى المكتبة العربية بمؤلفات أسهمت وقتها و لا زالت مع إبداعات عميد الأدب العربى طه حسين فى جعل مصر قوة ثقافية ناعمة لا يستهان بها، هذا بالإضافة إلى كبار الكتاب و الأدباء الذين لا تعد إسهاماتهم و لا تحصى.

و حديثى عن الأستاذ العقاد يدور حول فكرة الطيور على أشكالها تقع، فأثناء دراسة العقاد بالمدرسة الابتدائية فى أسوان كان زميله فى الفصل يدعى محمد صالح حرب.

انتهت دراسة الزميلين و خرج العقاد باحثا عن المجد فى الأدب و الصحافة و كان له ما سعى بينما اتجه زميله محمد صالح حرب يلتحق بمدرسة خفر السواحل و تخرج منها مقاتلا فى صفوف السنوسيين بليبيا ضد الاحتلال الايطالى.

و كعادة كل ثائر تواجهه الأيام بمحن و لا المطبات المرمية فى الشوارع من غير سبب و بلا دراسة، قررت بريطانيا رفض ما يفعله صالح حرب و قيادته للعمليات العسكرية فى ليبيا ضد القوات الايطالية.

بل و لم تكتف بريطانيا بالرفض لكنها قررت إعدام صالح حرب و هنا يقرر الخليفة العثمانى فى ذلك الوقت أن ينقذ صالح و يهربه إلى الآستانة و تمر سريعا الأيام حتى تقوم ثورة 1919 و يتولى سعد زغلول زمام الأمور فيقرر العفو عن السياسيين المنفيين و المسجونين.

و يعود صالح حرب لأرض الوطن ثم تندلع بعد سنوات الحرب العالمية الثانية و يتولى وزارة مسماها على نفس اسمه و هى وزارة الحربية.

هذه حكاية العقاد و صالح حرب، فربما تعرف العقاد و ربما تكون قد سمعت عنه و ربما أسغفك الحظ و قرأت كتابا أو شعرا من مؤلفاته.

لكنك قد تكون غير سامع بزميل العقاد داخل الفصل و الذى أصبح وزيرا للحربية و مشهود له بشجاعته و وقوفه ضد المستعمر حتى و لو كان خارج أرضه، و يمكنك الاستزادة بمعلومات عنه فى كتاب (مصر من نافذة التاريخ) للمؤرخ الراحل جمال بدوى.

تعالى الآن لقصة أخرى بطلها رئيس مخلوع و رجل أعمال إذا ثبتت التهم عليه و أخذ حكما عادلا فسيكون أكبر ناهبا لخيرات البلاد المصرية كما أنه لم يرحم آخر دولة فازت بكاس العالم إلا أنها استطاعت القبض عليه.

بطلا قصتنا التى نعيشها الآن هما حسنى مبارك و حسين سالم.

كل من سونة المخلوع و سونة الهربان يجتمعان على صداقة جذورها فى الفساد متأصلة و فعلا الطيور على أشكالها تقع و المرء على دين خليله.

فهذا سرق و قتل شعبا على مدار ثلاثين عاما ليس بالقتل الذى تزهق فيه الأرواح و لكنه القتل الذى يفقدك الطموح و العمل الجاد و الحرية و الرعب من زوار أمن الدولة المنحل فى الفجر الذين قد يطلبونك حتى تقضى معهم الدقائق المعدودة فتخرج إن كتب لك الخروج و قد مرت عليك سنوات شاب فيها كل شىء لديك حتى و لو كنت شابا فتيا.

و الثانى خرج يلعب بأموال الشعب و يعقد الصفقات على حساب قوت الغلابة و العجيب فى حسين سالم أنه يلعب بالفلوس و يستثمرها بالخارج أكثر من الداخل و رغم صداقته للرئيس المخلوع مبارك إلا أنه لم يستثمر بالقدر الكافى فى أرض الوطن.

فى عهدهما ظل خير البلاد و حنفية الفلوس كانت مفتوحة على البحرى لسونة و أمثاله بينما كانت مغلقة بالضبة و المفتاح على الشعب.

واحد حلم حياته يطلع يسرق و الثانى يطلع يكتب و ينير العقول و الثالث يدافع و يكافح بشرف و الرابع يحكم بالتسلية و تضيع أرواح بريئة فى عهده لا فى الثورة فقط و إنما فى مستشفى شهدت إهمالا فلم يحاسب المقصر و بلاعة ابتلعت طفلا فى عز بسمة أمه وهى تمسك يده عابرة للطريق و كان الاهتمام عنده و من حوله من "حشاكيله" هو وضع الورود و السجادة الحمراء فى المكان الذى سيزوره ثم تنتهى الزيارة و تعود الحالة إلى أسوأ مما كانت عليه.

فعلا الصديق قبل الطريق و الاختيار له كالرصاصة الحية إما أن تصطاد و تحقق غنيمة لك حق فيها و إما أن تقتل و تنهب حقا ليس ملكا لك.

ليست هناك تعليقات: