لا أحد يريد الشر و يكرهه فيذهب بكل بساطة للتغنى به بل و
يجعله يسيطر عليه فيقلب حياة من حوله إلى جحيم إلا إذا كان هو الشر نفسه.
ويبقى الخير فى صراع دائم مع الشر حيث يسعى كل منهما إلى
البقاء بينما على الطرف الآخر أن يأخذ جانبا دون حركة بل و عليه أن يموت.
لا تنتهى الحكاية كما نريد فأنت تريد و غيرك يريد و الله
يفعل ما يريد و عندما تريد الخير لنفسك و لأهلك و لوطنك فمؤكد أن الله يجيب مسعاك
و عندما تريد الشر فمؤكد أنك تسعى إليه وحدك دون الرحمن الذى يدعو للسلام و الرحمة
و العدل.
و مشكلتنا فى مصر أن دموعنا تنزل وقت الحزن و الفرح و
لمستنا الأخيرة التى يمكن أن نختم بها أى موضوع إما أن تكون حسنة فى صالح الجميع
أو سيئة يقوم بها فرد فيهلك من ورائها الجميع.
سعينا للحرية و نادينا بها و طالبنا بالتغيير و حلمنا بمصر
جديدة تحترم الإنسان و تقدم له أبسط حقوقه و لكن عند اللمسة الأخيرة التى يمكن أن
تنقلنا من الألم إلى السعادة قرر من هم يعيشون بيننا أن يخطفوا البسمة و يدمروا
الواقع بوضع نهاية سوداء تهدم البيت على كل من فيه.
هذا البيت الذى يحمل اسما واحدا نسعى لعزته فى الليل و
النهار .. نغنى له .. نحلم برقى مكانته .. ننادى بالتضحية من أجله .. نفنى أرواحنا
و نهدى دمنا إليه و مهما فعلنا فلا نستطيع أن نوفى حقه.
هذا الاسم يقع فى ثلاثة حروف .. الحرف الأول هو نفس بداية
الحرف الأول من أعضاء البيت الذين لهم الحق فى اعتناق ما يريدون بينما عليهم
الواجب فى حماية الاسم.
لمسة أخيرة تراها فى حياتك لدى العامل فقد يقدم صناعته كلها
على أكمل وجه لكن يشاء السميع العليم أن تتم حكايته و يبقى جزء يفسد جمال ما قدمته
يداه .. و طبيب يتقن جراحة و استئصال ورم خبيث و يكون سببا فى شفاء بأمر الله لكنه
ينسى فوطة فى بطن المريض فيطير جهده بلا فائدة.
و لك أن ترى كل ذلك فيمن حولك تجد أن الخاتمة الأخيرة لأى
عمل لدينا لا تنتهى كما ينبغى و هذا ليس فى كل الحالات فنادرا ما نجد من يتقن عمله
لكننا لا نريد أن يكون إتقانه فى صالح إيقاف قلب الوطن فتغيب روح الحياة لأن العقل
غاب و ترك الساحة للشيطان يوجه للنار حتى ينفصل الجسد عن الرأس فيصبح كل منهما فى
حالة من التعفن و منها إلى تراب منثور يطير مع الرياح.
و كما لا تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن فكأننا نبخل على أنفسنا
بالخير لوطننا مصر .. ففعلنا كل شىء يتجه نحو الخير و لم يعد هناك سوى أن نطحن فى
بعضنا البعض كالذى أحضر تورتة ثم زينها بفحم مشتعل و علينا أن نتذوق مرارة الحسرة
بحلاوة الأمل.
يمكن لك أن تمتنع عن تناول هذه التورتة .. لكن وطنك سواء
كنت مسيحيا أو مسلما لا يستطيع أن يعيش بدونكما .. فالحل ليس فى الهتافات و
الابتسامات فى الندوات و اللقاءات و يبقى ما فى القلب يعشش فى تفكير العقل بلا
تدبير للأمور.
لنا أعداء فى الداخل و الخارج و أصابعك ليست مثل بعضها
البعض .. كما هناك خير فيوجد شر .. و كما توجد مشكلة .. توجد حلول.
يا أهل مصر اجعلوا الدين لله و الوطن للجميع .. انشروا
بينكم ثقافة التسامح .. فلا ينفع أن نقسم الأرض على اثنين لأننا إذا كنا نتغنى
باليد الواحدة .. فنحن نريدها الآن قولا و فعلا فى كل مكان.
نريد اليد الواحدة لا الأرض المقسمة بين الطرفين .. نريد
الأمان لا العداوة .. نريد العدالة و الرحمة التى تنادى بها الشرائع السماوية.
لن أقول لكم انظروا للآية كذا فى القرآن و لا تلك الترنيمة فى
الانجيل لكن أقول لكم إذا كنتم تحبون البلد فهى تريد منكم أن تغيروا أنفسكم و لا
تجعلوا لمستكم الأخيرة فيها القتل و إنما بها الشفاء.
لا تحولوا حياتنا إلى لحظات من البؤس نعيش فيها و قلوبنا
تموت من الخوف.
اتبعوا ملة من توحدون به فموسى نبى و عيسى نبى و محمد نبى و
كل من له نبى يصلى عليه لكن الوطن واحد لا تقتلوه فهو يجمعنا فى السراء و الضراء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق