إذن تعرضت مصر لحادث إرهابى .. جريمة شنعاء .. عمل يستهدف وحدة
المصريين .. أطلق ما شئت من مسميات تؤكد و بشكل كبير أننا فى حاجة لوقفة مع النفس.
هذه الوقفة لا يجب أن تجلس بعدها مرددا نغمات : عاشت الوحدة الوطنية ..
و يحيا الهلال مع الصليب .. و كلنا مصريين .. و غيرها من الشعارات التى نرددها فى
كل أزمة و لا يتغير شىء.
الفكرة كلها لا ترتبط بمثل هذه الأمور التى لا تحتاج مرارا و تكرارا
أن ننطقها كالببغاوات دون أن نعمل بها كمثل الذى يضع حزام الأمان قرب أى لجنة مرور
و بعدها يترك الحزام إذا مر مرور الكرام.
الموضوع يتلخص فى أن يزيل كل منا عداوته للطرف الآخر لا يفكر فى ضرره
و إنما يسعى بصدق أن تتشابك الأيادى على اختلاف أطيافها لإعلاء الوطن "حقا"..
بدلا من خروج صور تتشابك فيه أيدى الطرفين ممزوجة بابتسامة لا يعلم حقيقتها سوى
الله و صاحبها إذا كانت عن اقتناع أم لا؟
القصة و ما فيها عندى و عندك إذا كنت تحب الخير للبلد التى تغنوا لها و
لا غناء العروس فى ليلة فرحها فعليك أن تجرى إلى صوت العقل بعيدا عن خطب تؤجج
مشاعر البغضاء للطرف الاخر و مواعظ تدعو لحرب مع من يجاورك و يختلف معك فى العقيدة.
فقط أدعوك معى للتأمل حتى نطرح سؤالا قد تتفق معى فيه و قد تختلف لكنك
فى النهاية تسعى بلا شك إلى مجتمع تسير فيه آمنا لا تخشى أن تخرج واضعا يدك على
قلبك ساعيا إلى عودتك بسلام.
و السؤال يدور حول : المستفيد من بعض الخطابات الدينية التى دعت على
سبيل الذكر إلى ضرورة مراجعة القرآن الكريم بسبب تحريفه أو تفتيش الكنائس المليئة
بالسلاح و مرت مثل هذه الدعوات و إذا كان على أصحاب مثل هذا الكلام أن يؤكدوا صدقه
فعلى المسئول عن وحدة الصف ألا يدع مثل هذا الكلام الذى هو شق فى جدار الوحدة التى
يحميها يمر هكذا إذا كان زيفا.. لكن ترك الأمور بصورة "مايعة" كمثل الأب
الذى يترك لزوجته قيادة البيت و يترك لها دلع بنتها التى هو والدها فتضيع البنت و
يعود الأب فيلقى جام غضبه و كل اللوم على الأم رغم أنه المسئول الأول و الأخير عن
كل فرد فى بيته.
و برأيك هل المستفيد من ذلك الكلام أعجبه الحال فاضطر أن يلهى الناس
فيه حتى يطبخ ما يريد من أمور تشغله تجعله يجرى وراء منصب و عضوية فى مجلس فيدخل
هو بكامل النزاهة التى يدعيها و يغرق نفس الناس البسطاء أو المغيبون أو الخاضعون
أو الصامتون أو الطيبون فى بحر من الصراعات الطائفية؟
من ناحية أخرى إذا كانت القاعدة هى المسئولة عن الحادث فهذا يشير أننا
وسط الغرق فى مشاكلنا الاجتماعية و السعى نحو تخفيض أسعار لخضروات و لحوم و أرز و
نفقات علاج و شقق و غيرها من كافة الأمور التى يسعى البنى آدم للحصول عليها لم
نهتم أيضا بما يحيط حولنا من تهديدات و أخطار بل كعادتنا انتبهنا بعد فوات الأوان.
هذا أيضا يؤدى للإشارة لأقرب عدو و مدى استفادته من هذا الحادث فهو
قريب باتفاقية سلام عدو بحروبه و سعيه دائما لردع أمنك..إنها إسرائيل التى تلعب فى
الخفاء و العلن ليس هذا عن قوتها و ضعف من حولها فهى على رأى أستاذنا الكاتب
الصحفى رحمه الله محمود عوض ليست بميكى ماوس و ليست رامبو..فلا نستبعدها و لا
نعظم من قوتها.
هذا يعنى أن كل الاحتمالات واردة لا يجب أن نسلم بأمر دون الآخر بلا
لابد من البحث و التقصى حتى تظهر الحقيقة وضوح الشمس فلا نسلم ان الحادث من صنع
القاعدة رغم الدلالات من تهديدات بل علينا إعمال العقل حتى لا نبحث عن سراب.
إن الأفكار متنوعة متداخلة منها من يتناول دور الأمن فى هذا الحادث و
واجبه فى حماية الآمنين و أخرى تحمله المسئولية لأنه يؤمن حفلات و مباريات و لا
يهتم بدور العبادة المستهدفة و هنا يصعب الأمر فعلى الأمن أن يسير هنا وراء كل
واحد و يكون مثل ظله ليمنع أمرا كان مفعولا و أؤكد لك هذا ليس دفاعا منى عن الأمن فهذا
واجبه أن يحمينى قدر المستطاع فلا يهتم غالبا بأمن المهمين بل بأمن الجميع مسلما
كان أو مسيحيا.
لا يكون الأمن مهتما بترهيب
النفوس و تكميم الأفواه و منع الحرية طالما أن الرأى لا يتجاوز و يهدف لمصلحة
الجميع فالحكاية ليست تمردا لمجرد التمرد و إنما السعى بالحرية لنهضة المجتمع
القائم على فهم لدين الآخر يهتم بمشاعره يراعى الله بعيدا عن المظاهر وقتها و فقط
لن يكون هناك إرهاب يركب رأس ضعيف النفس ليقوم بجريمته كما لن يكون هناك من يهتم
فقط بأمنه و لا يؤمن من حوله.
هذا الحادث لا يجب أن يمر بتنديد و رفض و شجب ثم هدوء كعادة كل أزمة
فمن يريد العلاج لا يتجه فقط إلى الرب الكريم بالدعاء و لكن عليه أن يشخص الداء
بنفسه حتى يجد الدواء.
رحم الله الشهداء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق