2012/01/20

قناة وفيات




الهدوء يعم المكان الذى أجلس فيه و الأفكار تأتى و تذهب بينما العبد لله يفكر فى مصيره هل سيرزقه الله بعمل أم يظل يعمل على البحث عن عمل ؟

المهم أننى تخرجت و الحمدلله من كلية الإعلام و فى رأسى أحلام عديدة أراها لا تتحقق حتى الآن فى الواقع ولكننى أتمنى أن أكون كاتبا يحظى باحترام القراء و أسير على طريق أستاذى محمود عوض و أكون عاملا بمجال الصحافة التليفزيونية كما يقدمها الإعلامى البارع يسرى فودة و غيرها من الأحلام التى يراها كل شاب و يسعى فى عز حياته أن يعمل و يكد و يجتهد حتى يصل إليها.

لكن يبدو أن مجال الإعلام مصاب بعاهة الواسطة التى يجب أن تضعك على سلم العمل و عليك أنت الاجتهاد لأن المعارف و الأهل و الأحباب إذا ساعدوك فى الحصول على وظيفة فلن تستمر فيها إلا بكفاءتك.

الأهم أننى ذهبت للبحث هنا و هناك فالردود تنحصر فى ناحيتين .. أنت عارف الثورة و اللى حصل و مفيش تعيينات دلوقتى و يدوب كل محرر موجود ماسك ملف معين شغال عليه أو يرد عليك واحدا فيقول بكل صراحة و وضوح أن دخولك لهذا المكان الإعلامى يحتاج إلى واسطة و تكون جامدة.

هكذا أصبحت الوظيفة فى المجال الإعلامى تعانى من الثورة و هى بريئة من هذه الحجج الكاذبة لأن الثورة بريئة من أى عك فلا هى حكمت و لا قادت البلاد، أما فكرة الواسطة فهذا يعنى أننى على أن أبحث عنها بدلا من البحث عن وظيفة.

طيب هذا فى الأماكن التى عليها العين و يستقى منها الجميع أخباره سواء بالقراءة أو المشاهدة سواء فى مؤسسات قومية أو خاصة فما الذى يمنع أن تحاول وتكافح من خلال المؤسسات التى تحبو و تزحف وسط تلك المؤسسات الشهيرة أى تعمل بها إلى حين ميسرة، و هذا يعنى أن تميت نفسك فيها فهى لن تنفعك لأنها كانت نفعت نفسها و أصبحت قادرة على زيادة الطلب عليها أو بمعنى آخر ستجد مكانا يطلب منك العمل لكنه غير معروف وساعتها إن كان لك شغل فلا يقرأ لك أحد أو يشاهدك لأن المكان فى وسط الصحف والقنوات الشهيرة لا يمك ان تراه سوى فى إعلانات الجرائد المغلف بها ساندوتشات الفول والطعمية عندما يكتب مطلوب كذا وكذا.
.

قد ترى وجهة نظرى خطأ لكنها رؤيتى للموضوع تتلخص فى العمل داخل مؤسسة إعلامية تسمع عنها و تعرف مكانتها بين الناس خاصة و أن ترى البعض مثله مثلك لكنه يسبقك لأنه مسنود على شخص ما و لكننى أقنع نفسى أن الموضوع أرزاق و لدى إيمان أن الأرزاق على الله.


أشعر أن الملل قد يكون أصابك و ربما الإحباط لكن ما رأيك فى تعشيم نفسك أنك تمتلك القدرة و قادر على عمل مؤسسة إعلامية تشغلها كما تحب؟.

يعنى مثلا خلال زحمة الأفكار بدماغى سألت نفسى : ليه مفيش قنوات للوفيات عندنا؟

بالطبع تعرف صحيفة الأهرام و إعلانات الوفيات بها و تراها تذكر الأهل و الأحباب و تدعو بالرحمة و المغفرة للمتوفى و منها جانب من الفشخرة و المنظرة للتدليل على قدرة من يعرفون المتوفى أنهم قادرون على دفع ثمن إعلان الوفيات داخل الأهرام وصفحاتها.

طيب يا سيدى انتشرت قنوات للرقص على النايل سات تتمايل فيها القادرات على هز الوسط طوال 24 ساعة و بدلا من الذهاب لكباريه فى شارع الهرم تستطيع أن تأتى لك على الشاشة داخل منزلك و يتجمع المعارف و الحبايب أمامها و معهم لب و سودانى و حاجة ساقعة لزوم الانبساط و النعنشة.

إذن نعمل قنوات للوفيات نذيع فيها تقارير مصورة عن الميت و صوره و هو فى الحضانة و صورته داخل استمارة الثانوية العامة و صورته الأبيض و الأسود و هو بالجامعة ثم وقوفه إلى جانب عروسته التى أنهت حبه بختم الزواج و هو واقف مرتدى بدلة سوداء كدليل على الحياة القادمة ثم نصور أهله مع موسيقى حزينة و يبقى الناس عرفت المتوفى و عملت حاجة جديدة.


و لما مات عم حسن راحت زوجته ربة الصون و العفاف تعمل إعلان فى القناة الخاصة بالوفيات و دعمت العاملين بالقناة بصور و أوراق خاصة بحياة زوجها و تم التصوير معها و مع أولادها مع إذاعة بث حى و مباشر لمراسم الجنازة .. ما هو ساعتها القناة ستجعل الشخص العادى مثل الحاكم حيث تكون مراسم تودعيهما للدنيا منقولة على الهواء و بالنسبة لمكسب الإعلانات فهو مضمون بعمل إعلانات عن خدمات الحانوتية و أشهر بائعى البن.

و يبقى ضربنا كل العصافير نقلنا حياة المتوفى و يمكن نستفيد و نتعظ منها و عملنا حساب الحانوتى و لزوم القهوة و المشاريب وقت العزاء.

و اهتمت زوجة حسن بمراجعة هذه التفاصيل إلى أن جاءت فترة عرض حياة زوجها المغفور له على قناة الوفيات و تم التنويه أنه ستتم إذاعة تقريرين عن حياته.

و تعجبت زوجة عم حسن فهى حجزت عرض تقرير واحد عن زوجها لكنها رأت العرض الأول فوجدت أن عم حسن لم يكن هو عم حسن فقد ظهر فى صورة الفرح مع واحدة ثانية غير أم العيال.

لقد اكتشفت أم العيال أنه تزوج عليها بعد مراجعة التفاصيل فى القناة و قامت الزوجة الثانية بحجز تقرير و إعلان عن عم حسن و من حبها لها سبقتها فى عرض التقرير.

وقتها حزنت الزوجة الأولى و لا ندرى هل حزنها بسبب المبلغ المدفوع فى عمل إعلانات عن وفاة زوجها أم لأنه خان العشرة الطويلة بزواج من واحدة تقترب من سن بناته؟

ما علينا المهم إنه فى وسط التفكير فى عمل قناة وفيات قررت التخلى عن الفكرة حتى لا تكون القناة سببا فى كشف سر زواج الميت الذى حرص على  إخفاءه طوال حياته.

هناك 5 تعليقات:

entrümpelung wien يقول...

احياااااااااانا .... بتصادف فعلاً

Entrümpelung يقول...

الله يجيرنا من الاعظم

Räumung wien يقول...

فين الموضوعات الجديدة .. ؟؟

Übersiedlung يقول...

موضوع مميز .. شكراً كتييير

Entrümpelung wien يقول...

Dank den Themen .... Ich hoffe, mehr von den Themen