2011/02/10

خطاب واجب

أيها الأحرار الكرام .. كنت أجهل الناس حسبت الدنيا استقرارا و خطط و برامج و خطب و حماية واسعة للكرسى الذى أجلس عليه لكننى عرفت أنه يوجد شباب يتألمون .. يتعلمون و لا يعملون .. يتعرضون للفقر الذى يأكل معدتهم بالحسرة و رغم ذلك يحمدون الله و مع هذا طفح بهم الكيل.. ليس الشباب وحدهم بل طائفة عامة من الشعب.

إنكم عانيتم من ظلم و بؤس بينما عاشت قلة فى رخاء و نعيم .. تلك القلة التى عاشت تكتنز من قوت هؤلاء المغلوبين على أمرهم .. بينما زاد الضعفاء فقرا و كان غناهم فى شرفهم.

لم أكن أعرف أن هذا هو الحال يسوء من سىء لأسوأ فى عهدى .. و هنا و فى تلك اللحظة أدركت الأمور لكن فى وقت متأخر بعد أن ازيح عنى ستار كان يفصلنى عن شعبى الذى هو أساس شرعيتى.

شعبى الذى له حق اختيارى لخدمته و رعايته .. شعب كان يجب أن يعامل كمواطن له كل الحق و واجبى أن أؤدى عملى تجاه هذا الشعب الكريم.

لقد انتظرت منهم أن يقومونى إذا أخطأت و لكنهم لم يتكلموا .. لنتحدث بصدق و نردد الحق بعد أن ضاع النفاق .. لقد تكلم البعض منهم لكن صوتهم لم يدق فى آذانى.

كل ما كنت استمع إليه فقط التصفيق الحاد و هتافات اكتشفت أنها خادعة بالعربى الفصيح كانت هتافات " كدابين الزفة".. و للأسف صدقتها.

إننى قررت أن أتدارك أخطائى قبل فوات الأوان فالوطن يجب أن يعيش و يبقى بشعبه الشريف .. فات الأوان فى هذه اللحظة .. لقد كان علىّ أن أنزل بين الناس أعيش معهم و أمشى وسطهم و استمع لهم بشكل مباشر دون زيف أو خداع .. دون دهان باطل للحقائق.

أعرف الآن أن الناس يقولون عنى كلاما لا يرضينى و لكننى أطمئنهم أن زمن البطش و الاستعباد قد مات .. فهؤلاء الناس خرجوا لقول الحق و لا أمة تقوم بغير الحق.

لقد خدعونى من كانوا يحيطون بى فقد كانت بطانتى من أناس لا يقولون إلا ما يسعدنى .. إننى لا احملهم المسئولية وحدهم بل إننى أقر بتحمل المسئولية كاملة .. فأنا أقسمت على حمايتكم و رعاية مصالحكم .. و أنا مسئول عن من خدعونى قبل أن يكونوا مسئولين عنكم.

إننى أدعو من يأتى بعدى ألا يقع فيما اقترفته بحق هذا الشعب .. أريد منه أن يجعل الناس مشاركين فى الحكم و يختارون بطانته و يلزموهم بما يريدون لصالح الوطن و يعاقبون المخطىء مهما كانت مكانته و منصبه .. أكرر يعاقبون المخطىء مهما كانت مكانته و منصبه.

لى مطلب أخير .. إذا كنتم تريدون الحياة فى هناء و استقرار فلا تصمتوا عن طلب حقوقكم بشرف و لا تنظروا لشخص الحاكم و كأنه الإله المعصوم من الخطأ .. فالخطأ يأتى فى لحظة لكن الندم يمر فى سنين.

لا تتهاونوا فى نشر العدالة .. علموا اولادكم منذ الصغر أن الحق أحق أن يتبع و لا تعلموهم الغش و النفاق و الخداع.. . اطلبوا الحرية و دافعوا عنها.

إن الحاكم مرآة لكم .. فكما تكونون يولى عليكم .. و كما تفعلون لا يختلف عنكم .. لا تحاسبونى وحدى و لكن حاسبوا أنفسكم !!

دم من سقطوا بغير ذنب و خرجت أرواحهم الطاهرة فى عهدى دون حق إنما هو دين فى رقبتى .. رحم الله هؤلاء الشهداء .. و رحم الله شعبا كريما يعفو عن عزيز قوم .. ذل.

اعلموا أن الحياة لا يعيش فيها المستكين الذليل .. اعلموا أن الحياة لا تعطى إلا من يستحق .. فمن تنازل عن حقه .. يضيع فى ظلام الغفلة و لا تقم له قائمة.

إن الحياة نعيشها مرة واحدة فإما نتركها و يشهد لنا التاريخ أو نتركها و لا تسامحنا صفحات التاريخ.

فاختاروا المكان الذى تريدون و أطلب منكم الصفح و العفو لأنه من شيم الطيبين.

ستندهشون و ستخرج أصوات تحاسبنى لأننى لم أقم بالعفو فبأى حق أطالب بما لم تحصلوا عليه.. لكننى أطلبه منكم الآن ..لا كحاكم يأمر فيطاع ..و لكن كمواطن مثلى مثلكم و لكم الحق فيما تفعلون فالشرعية أصبحت لديكم و لكم الحكم و الفصل.

و تذكروا دائما أن حياتكم بيد الرحمن مثلى تماما .. أجلى مكتوب .. إذا أتى فلن تفلح أى قوى عن منعه .. و قدرى معلوم بأمر الله .. سأرضى بمصيرى و لن أهرب منه.

تقبلوا أسفى و اعتذر إن كنت قد أطلت عليكم .. سواء فى خطابى أو فى فترة حكمى التى أنهيها اليوم .. أكرر اليوم .. لأنكم أصبحتم فى شرعية الذى يطلب و على الحاكم أن يطيع .. و هذه دولة الحق.

 و تذكروا أن الأمل لا يموت و السعادة ليست نغمة سهلة تتغنى بها الألسنة دون تعب أو سهر .. فما تسمعه من ترانيم تعجبك تجدها أخذت أياما طويلة حتى تخرج لك فى وقت قليل تحصل على إعجابك فتتحرك مشاعرك بالسعادة و مؤكد أن قيامتكم كشعب يريد العزة لوطنه ستجنون ثمارها قريبا.

لا أعرف الآن أن أصف لكم قدر سعادتى بأنكم جعلتمونى أعرف خطأى لعل الله يغفر لى و يرحمنى .. و فقكم الله و السلام و الرحمة لنا و لكم.
------
هذا خطاب واجب على كل حاكم ظلم شعبه أن يخرج بأفضل منه قولا و فعلا لشعبه الكريم.

أفيقوا يرحمكم الله.

ليست هناك تعليقات: