" يا تبر سايل بين شطين يا حلو يا أسمر “... هكذا غنى العندليب
بصوته مغردا للنيل.
لكن يبدو أن النيل في خطر عندنا في مصر و
لا نريد تهويل المسألة لكن الموضوع يتلخص فى اتجاه دول المنبع لتوقيع اتفاقية
منفردة بعيدا عن دولتي المصب مصر و السودان بشان حصة الأفراد فى مياه النيل خاصة
بعد فشل اجتماعات الوزراء الأفارقة بشرم الشيخ.
و المتابع للأمر سيكتشف العجز فى معالجة
الأزمة و سيجد أن أي مشكلة تحدث لابد من تدخل الرئيس مبارك لحلها .و حسنا فعل
عندما أرسل وزير الخارجية فى زيارة لدول المنبع الأفريقية مزودا برسالة تحث على
التعاون بشان موضوع مياه النيل.
إننا لا نملك فى مصر سوى مياه النيل و تصبح
مصر عاجزة بلا عكاز لو جفت مياه النيل و منعت دول المنبع وصولها إلينا.
المشكلة هنا فى بعدنا عن أفريقيا و تركنا
الأمور تجرى حسب الأهواء.
فلم نعد نعرف افريقيا إلا وقت كأس الأمم
الافريقية و فى الوقت نفسه تغرس إسرائيل نفسها فى كل المناطق الحيوية التى ترتبط
بمصر و خصوصا نهر النيل بعد تعاونها فى بناء سد مع اثيوبيا من شأنه أن يقلل وصول
المياه لمصر و السودان.
و خرج علينا الدكتور مفيد شهاب ليقول: أن
أمن مصر المائى مسألة حياة أو موت.
و فى مجلس الشعب خرج النواب يدعون إلى حلول
دبلوماسية مع دول المنبع حتى لا تضار حصتنا من مياه النيل.
و السؤال لماذا غابت مصر عن أفريقيا لكنها
حاضرة فى المباريات؟
و لماذا نثور وقت مباراة كما حدث مع
الجزائر و نسكت على مفيش فى موضوع حيوي يخص الزراعة و الصناعة و خدمات المستشفيات
و كل ما هو لازم و ضروري للإنسان.
أعلم ان هناك مناطقا بلا مياه و تعيش على
أقل القليل و لكن تخيل لو أصبحنا بلا مياه النيل، فكيف يكون الحال؟
ستزدهر صناعة المياه المعدنية و سنوفر
المال الذي ندفعه للسباك و سنعود للاستحمام كما كانت عليه الطبيعة فى الماضي و
يصبح الحوض مجرد تحفة أثرية كآلات الزراعة عند الفراعنة.
إنها سخرية القدر و أخشى ان أراها.
فبانتهاء النيل تنتهي حضارة لكن الأمل فى
ان نجد حلا و ان نحب هذه البلد و ان بتعد عن اللحظات الأخيرة و أن نتحرك و نحن
مستعدين حتى لا نصبح كالمعذبين و نطالب بالمياه قائلين: أحد أحد.
و وقتها لن يستطيع أى رصيف أن يتحمل هذا العدد
الكبير الذى يطالب بأبسط حقوقه الآدمية معلقا لافتة كبيرة مكتوب عليها: عايز اشرب
يا كبير.
و وقتها لن تكون هناك مياه للكبير أو
الصغير.
وضع مؤلم ان تعيش بلا مياه لكن المؤلم ان
تعيش و حقك مسلوب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق